الأربعاء، ديسمبر 16، 2020

قلعة الخلود.....................الشاعر سمير عبد الرءوف الزيات


قلعة الخلود
ــــــــــــــــ
مَاذّا أَقُولُ حَبِيبَتِي
عَنْ قَلْعَةِ الْوَهْمِ الْعَجِيبْ ؟
هِيَ قلْعَةٌ غَيْرَ الْقِلاَعِ
وَإِنَّهَا سِجْنٌ كَئِيبْ
مَاذَا أَقُولُ عَنِ الْجَوَى
فِي ظُلْمَةِ الْلَّيْلِ الرَّهِيبْ
فَأَكَادُ يَقْتُلُنِي الأَسَى
وَالْوَجْدُ فِي هَذَا الظَّلاَمْ
فَتَرَفَّقِي ! ، إِنِّي هُنَا
يَقِظُ العيُونِ وَلاَ أَنَامْ
***
هَذِي جِرَاحِي فِي يَدِي
سَالَتْ ، وَأَدْمَتْهَا الْقُيُودْ
قَدَمَايَ فِي أَغْلاَلِهَا
شُلَّتْ ، وَأَنْهَكَهَا الْجُمُودْ
وَوَقَفْتُ وَحْدِي هَا هُنَا
أَبْكِي وَأَحْلمُ أَنْ أَعُودْ
أَصْبُو إِلَى حُرِّيَتِي
فَأَعُودُ أُمْسِكُ بِالزِّمَامْ
وَأَسِيرُ حُرًّا حَيْثُ شَاءَ
الْقَلْبُ ، أَنْعَمُ بِالسَّلاَمْ
***
إِنِّي مَلَلْتُ حَبِيبَتِي
مِنْ وَحْشَتِي بَيْنَ الْقِلاَعْ
مِنْ لَوْعَتِي ، وَوَدَاعَتِي
وَسَئِمْتُ مِنْ هَذَا الضَّيَاعْ
وَمِنَ الْحَيَاةِ جَمِيعِهَا
لَمَّا تَغَشَّاهَا الصِّرَاعْ
فَالْلَّيْلُ حِينَ يَلُفُّنِي
بِذِرَاعِهِ ، أَنسى الكلامْ
وَالصُّبْحُ لَيْسَ يَسُرُّنِي
فَالنُّورُ فِي عَيْنِي ظَلاَمْ
***
هَلْ تَعْلَمِينَ حَبِيبَتِي ؟
أَنِّي رَقِيقٌ كَالزُّهُورْ
أَحْتَاجُ دَوْماً لِلْهَوَاءِ
وَلِلْمِيَاهِ ، وَلِلْحُبُورْ
أَحْتَاجُ أَجْنِحَةَ الْهَوَى
لأَطِيرَ حُراً كَالطُّيُورْ
فَأَكُونُ أَنَّى سَاقَنِي
شَوْقِي وَأَعْجَبَنِي الْمُقَامْ
أَشْدُو ، وَأَنْعمُ بِالْغِنَاءِ
وَأَنْتَقِي حُلْوَ الْكَلاَمْ
***
هَلْ تَعْلَمِينَ حَبِيبَتِي ؟
أَنِّي أَتُوقُ إِلَى الرِّفَاقْ
فَلْتَعْلَمِي أَنِّي هُنَا
أَدْرَكْتُ مَعْنَى الاشْتِيَاقْ
أَدْرَكْتُ أَنِّيَ فِي الْهَوَى
أَصْبَحْتُ مَشْدُودَ الوَثَاقْ
فَيَدُ الْغَرَامِ تَشُدُّنِي
وَتُذِيقُنِي مُرَّ السَّقَامْ
وَتَهُدُّنِي فِي قَلْعَةٍ
مَحْجُوبَةٍ خَلْفَ الْغَمَامْ
***
فِي قَلْعَةٍ مَحْفُوفَةٍ
بِالْمَوْتِ مِنْ كُلّ ِاتِّجَاهْ
فَالْمَوْتُ فِي أَرْجَائِهَا
يَلْهُو وَيَعْبَثُ بِالْحَيَاةْ
وَأَرَى فُؤَادِي هَا هُنَا
يَرْضَى بِمَا شَاءَ الإِلَهْ
فَأَظَلُّ فِي وَهْمِ الْمُنَى
أَهْذِي ، وَأَحْلمُ بِالْوِئَامْ
وَبِأَنَّنِي يَوْماً أُكَسِّرُ
كُلَّ أَجْنِحَةِ الظَّلاَمْ
***
أَصْبَحْتُ فَوْقَ الْقِمَّةِ
أَبْكِي وَأَصْرُخُ فِي الرِّفَاقْ
وَالنَّاسُ حَوْلَ الْقَلْعَةِ
وَقَفُوا عَلَى قَدَمٍ وَسَاقْ
نَادَييْتُهُمْ مُسْتَنْجِداً
هَلْ مِنْ نَجَاةٍ أَوْ عِتَاقْ ؟
نَظَرُوا إِلَيَّ وَسَاءَهُمْ
أَنِّي وَقَلْبِيَ كَالْحُطَامْ
طَارُوا عَلَى أَسْوَارِهَا
كَانُوا كَأَسْرَابِ الْحَمَامْ
***
هَجَمُوا عَلَى أَبْوَابِهَا
لَكِنَّهَا حِصْنٌ حَصِينْ
أَقْفَالُهَا مَدْمُوغَةٌ
بِطَلاَسِمِ السِّحْرِ الْمُبِينْ
هِي قَلْعَةٌ مَرْصُودَةٌ
بِالسِّحْرِ آلافَ السِّنِينْ
مَنْ يَعْتَلِيهَا يَنْتَهِي
وَيَضِيع مِنْ بَيْنِ الأَنَامْ
وَيَعِيشُ فِي وَهْمِ الْمُنَى
يَشْدُو ، وَيَحْلُمُ بِالْغَرَامْ
***
فَلا يَنَالُ مِنَ الْغَرَامِ
وَلاَ يَعِيشُ ، وَلا يَمُوتْ
وَيَظَلُّ يُضْنِيهِ الْهَوَى
حَتَّى يُبَرِّحَهُ السُّكُوتْ
فَإِذَا تَطَلَّعَ لِلْهُرُوبِ
فَلاَ يَمُرُّ ، وَلاَ يَفُوتْ
وَيَظَلُّ فِي تِهْيَامِهِ
حَتَّى يُجَنَّ مِنَ الْهُيَامْ
وَيَظَلُّ فِي هّذّا السَقَامِ
وَرُبَّمَا يَنْسَى الكلاَمْ
***
هَلاَّ أَجَبْتِ حَبِيبَتِي
إِنِّي سَأَلْتُكِ أَنْ أَعُودْ
وَسَأَلْتُ عَنْ حُرِّيَّتِي
لأَفِرَّ مِنْ هَذَا الْجُمُودْ
إِنِّي أَمِيلُ إِلَى الْحَيَاةِ
وَلاَ أَمِيلُ إِلَى الْخُلُودْ
إِنَّ الْبَقَاءَ بِقَلْعَةٍ
فِيهَا الْخُلُودُ هُوَ الزُّؤَامْ
إِنِّي كَكُلِّ النَّاسِ أَحْلُمُ
بِالْوِئَامِ ، وَبِالسَّلاَمْ
***
سمير عبد الرءوف الزيات


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلة وجدانيات الأدبية (( الوداع )) بقلم الكاتب دمال الدين خنفري /الجزائر

قصة قصيرة جدا الوداع اقتربت منه انسلت روحها إلى وجدانه، ارتبكت فرائصه، أزالت ستائر حيائه بشفاه معتقة بحمرة التخدير، انساق وراء نزواته، عرته ...