( الأم سيدة القصائد )
ماذا أقولُ وكيفَ الحرفِ يأتمرُ
وأنا البليغُ وفي تبيانيَ العِبَرُ
إذ رمتُ وصفاً لفضلٍ لَمَّ أوردتي
مِمَنْ لعيني هي الأحداقُ والنظرُ
العجزُ يبدو على وصفي وفي لغتي
يحتارُ فكري فلا يبقى بهِ وترُ
فحينَ يسمو لأمي الحسنُ أجمعهُ
لا شكَّ أنَّ نساءَ الكونِ تنحسرُ
وحينَ ينغمُ احساسي بها عبقاً
ترنو الطيورُ وفي اصغائها سكرُ
والوردُ يخفَرُّ والأشواقُ تذكرها
فيرتدي خجلاً والطيبُ يعتصرُ
فكيف لا تحملُ الأرواحُ غيرتها
وجمالُ أمي من القدوسِ مقتدرُ
ماذا أقولُ: أيا معراج أبجدتي
بعيدِ أمي إذا ما الناس قد شعروا
تجمهرَ الشعرُ والأنفاسُ قافيةً
تغفو بثغري والوجدانُ يمتهرُ
همسُ المعاني قريضٌ فيهِ يعزفني
شوقي وطهَ وأسبقُ بالمدى عمرُ
أسعى لبرٍ بها، تسعاً حمولتها
وهنٌ ووهنُ مخاضٍ كلهُ خَطرُ
أوجاعُ موتٍ تُصَلِّيها وصابرة
كيما تراني للأنوار أنحدرُ
ثمَّ هداني لرزقي من ترائبها
تحنو عليَّ أنا في عينها قمرُ
الحرفُ مني أتاها حينما نطقت
شفتايَ أمي بحبٍ حفهُ قدرُ
العلمُ منها نهلتُ بحسنِ تربيةٍ
والأمُ مدرسة بها الأكوانُ تفتخرُ
رضعتُ خُلقاً ومن بسماتها ارتسمتْ
لوحاتُ حلمٍ تراءى لمقلتي فجرُ
وحصدتُ قدراً في ديني وفي عملي
والفضلُ فيهِ لمَنْ في حضنها عطرُ
مَنْ جعلَ ربي مجردَ أُفَ معصيةً
تُدمي خفوق بها بالخيرِ يعتمرُ
مَنْ قالَ عنها رسول الحقِّ حينَ سُئل
عن حسنِ صَحبٍ ثلاثاً أمكَ الدررُ
يا مَنْ وهبتِ عطاؤكِ دونَ تمنانٍ
وسقيتِ روحي من تحنانكِ سحرُ
يا مَنْ قضيتِ ليالٍ بالدعاءِ ومن
حَرِّ الدعاء عيونُ اللَّهِ تَنسرُّ
أأكونُ صِلفاً وفجَّاً في معاملتي
وأُبدلُ الفرحَ في أجواءكِ قهرُ
أو هل أُجازي كل الحب نكران
والقولُ مني لتيكَ الروح ينتهرُ
وأُريقُ دمعاً زماناً حفَّ أغطيتي
حتى إلهي بذاكَ الدمعُ ينبهرُ
تاللَّهِ أغدُ شقياً أين ما ارتحلتْ
فيني خُطايا وأُصبحُ خاسئاً خَسِرُ
والناسُ عني تنفضُّ مجالسها
وجزاءُ عُقّْي في أولادي يستطرُ
وإذا أتيتُ بيومِ الدينِ مسودٌ
واللَّهُ يأبى أن ينظرني يا بشرُ
بأن عصيتُ واوجعتُ الحنايا بها
وهجرتُ عُشَّاً بهِ سُكنايَ تُقتَصَرُ
فيهِ حياتي ألوان العطاءِ سُقتْ
وترعرعَ الغصنُ في أجواءهِ طُرَرُ
حاشايَ أمي جراحاً فيكِ أغرسها
كلا وحاشا فهذا مزلقٌ خطِرُ
يا نور قلبي وإلهاماً لمعرفتي
يا وحيُ روحي أنا في بِركِ المطرُ
.............................
البحر البسيط
د. هزار محمود العاطفي
اليمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق