جواب على سؤال لماذا أنت في الأسر.. ؟؟
كما أخبرني فصدم من طرحها عليه هذا السؤال - لماذا أنت بالسجن يا عمو أحمد ؟ لماذا لستُ بيننا؟ وهل من شيء يستحق أن تخسر حياتك فيه ذلك المكان المظلم اللعين من أجله ...؟؟؟؟
قال لي أحمد وهو مستفز على غير عادته لم يستفزني سؤالها لماذا أنا بالسجن بقدر ما استفزني السؤال المتبوع بالسؤال الأول فکیف لا تعرف لماذا لم يفهمها أحد أن هناك ما هو يستحق أن تخسر لأجله في العمر كل العمر
فقلت له: لا تلمها على ذلك من هو أكثر منها وعياً و يطرحون علينا هكذا تساؤلات فقال كنتُ أظنها تدرك وتعي لماذا عمها متغيبٌ من أهله وقرينته وأحبائه في هذا المكان المحاصر بعشرات الأطنان من الأسلاك الشائكة
.. نعم إن هكذا سؤال يعدُ بالنسبة للأسير الوجه الآخر لسؤال لماذا أنت مناضل أو لماذا قاومت الإحتلال لأن من الطبيعي أن يتعرض المناضل إما للاعتقال وإما الاستشهاد فهل يعقل أن يسأل شهيداً لماذا إستشهدت مثلاً..؟؟ فأنا من البعض الذين تثور ثائرتهم أمام سؤال لماذا أنت في السجن وذلك لأنني أسمع الوجه الآخر للسؤال وهو لماذا انت مناضل ..؟ ومع ذلك كان من الحكمة لدى صديقي" أحمد" أن يتمالك نفسه أمام تساؤلات ابتسام الطفلة طالما لم يخبرها أحد من قبل لماذا هذا البلد هو بلد الشهداء والأسرى منذ عقود طويله لهذا الصراع مع العدو و ولذلك سأجيب على تساؤلات الطفلة ابتسام نيابة عن كل المقصرين..
عزيزتي إبتسام : إنني أقبع . مند - 22 عاماً في سجون الإحتلال وغيري وهناك من أمضوا ما يزيد عن الأربعين عاماً ككريم يونس - الذي لا يعرف عنه الكثيرون شيئاً سوى المختصون في شؤوننا كأسرى لم أسرق بنكاً ولا محلاً تجارياً، ولا تاجرت يوماً بالمخدرات، ولم أرتكب يوماً حتى مخالفة سیر کنتُ صديقاً للحمام والسلام .. للشجر والحجر والبشر أُحب التنزه في كروم جدي تحت زخات المطر لا تحت زخات الرصاص کنتُ. صديقاً للأطفال وحانياً على الكبار والمسنين أميناً ومخلصاً للجيران والأقارب والأصدقاء أحب بلدي كثيراً وأكره من يكرهها ويعتدي عليها كنتُ أحلم أن أصبح رساماً مشهوراً وصديقاً لعلبة الألوان لا صديقا للعبوات الناسفة والكلاشنكوف والأحزمة المتفجرة الذي أجبرني زمن الاحتلال أن أصبح ماهراً في إعدادها وتصنيعها وأن أكون صديقاً للقلم لا صديقاً للـسلاح
لكنه زمن الاحتلال يا عزيزتي فيه تنقلب كافة المعايير والمفاهيم وحتى الأحلام وفيه تتجمد أنهار الحياة فلا تعود تتدفق في مصبات الفرح والسكينة . لم أتوقع أنتى عندما سأكبر سيحولني زمن الإحتلال إلى قاتل محترف لجنوده ومستوطنيه الذين وجدتهم عندما كبرت يمعنون بأهلي وجيراني وبلدي قتلاً وتذبيحاً ليل نهار فحولي زمن الاحتلال البغيض إلى إنسان لا يجيد شيئاً في الدنيا أكثر من التخطيط للإقتصاص من هؤلاء القتلة الصهاينة ..ولأنهم يريدون أن يقتلوننا دون أن نصرخ أو أن نقاوم محاولات قتلنا فقد أصبح يستفز جنوهم صراخ الضحية بوجه جلادها ورفض الفلسطيين أن يكون عبداً لعصابة صهيونية تريد أن تصبح صاحبة السيادة والحق في وطننا الذي سرقوه منا بقوة البطش والعدوان ولأنني قاومت هذا ورفضت بأن تبقى فلسطيننا مطرودة من الجغرافيا العربية والدولية ولأنني قاومت ومنعت الجنود المدججين بالحقد من الدخول الى غرفة نومكِ بعد منتصف الليل لكي لا يدوسوا على كتبكِ المدرسية ولكي تعيشي في طل دوله مُسيحه بجيش التحرير الفلسطيني لا في ظل حكم دولة بوليسيه صهيونية لا تجيد إلا إطلاق النار على أطفالنا وشيوخنا ونسائنا لهذا أنا أقبع بالأسر بعد أن كنتُ مقاتلاً عنيداً وفدائيا يرعبُ دوله الإحتلال الفاشية ونحن اليوم نكمل يا عزيزتي مشوار من سبقونا إلى هذا الدرب وغداً سيأتي جيلٌ منكم ويكملون مشوارنا نحو بناء الدولة وطنيّ زمن الاحتلال الأسود على هذا أنا عشتُ.. وعلى هذا أنا ناضلتُ وأُسرتُ وعلى هذا سأموتُ جبلاً شامخاً بوجه الغزاة واللصوص الصهاينة.سأموتُ جبلاً شامخاً بوجه الغزاة واللصوص الصهاينة. بقلم الأسير ناصر الشاويش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق