السبت، أغسطس 10، 2024

مجلة وجدانيات الأدبية .. الشاعر د. سعيد العزعزي و رائعة (( تهامت عيوني ))



تهامت عيوني
............................
تَهَامَت عِيُونِي مِثلَ غَيثٍ إذَا هَمَى
فَاجرَت على الخَدِّينِ سَيلَاً عَرَمرَمَا
مَشِيتُ كَسِيرَاً في دِيَارٍ كَسِيرَةٍ
بَدى حَالُهَا مِثلَ الرَّمِيمِ مُهَشَّمَا
كَانِّي وَقَد غَابَت عِنِ الرَّبعِ ضَبيَةٌ
غَدَا حَيُّهُم خَاوٍ كَانَّ الفَنَا رَمَى
سَعَى يَسحَبُ الخَطوَاتِ قَلبِي مُسَائِلَاً
لِدَارٍ حَوَى بِالامسِ غِيدَاً وَكَلَّمَا
لِمَاذَا نَاوا عَنِّي وَشَدُّوا رِحَالَهُم ؟
لِمَا خَلَّفُوا قَلبِي فَخَارَاً مُحَطَّمَا ؟
وَمَا كَانَ حُلوَاً بَعدَهُم مَرَّ طُعمُهُ
وَمَا كَانَ شَهدَاً صَافِيَاً صَارَ عَلقَمَا
اجَابَت حَمَامٌ حَسرَةً فَوقَ دَارِهِم
وَنَاحَت وَقَلبُ الدَّارِ يَبكِي تَالُّمَا
إذا ضَاقَ عَيشُ الاكرَمِينَ بِمَوطِنٍ
لَقَوا بِاغتَرَابٍ رَحبَةً وَتَنَعُّمَا
تَصَبَّر تَعَزَّى إن تَبَدَّى خَيَالُهُم
وَإن زَارَ طَيفٌ مِن لَدُنهِم وَيَمَّمَا
نَشَدتُ كَلِيلَاً رَسمَ طَيفٍ بِوَاعِرٍ
وَمَن رَامَ أن يَلقَى حَبِيبَاً تَجَشَّمَا
وَلَمَّا لَقَى طَيفَ الحَبِيبِ مُوَلَّهٌ
بَكَى في خُشُوعِ النَّاسِكِينَ وَسَلَّمَا
وَزَادَ اشتِيَاقِي وَاستَفَاضَت صَبَابَتِي
بِطَيفٍ غَشَانِي هَدَّ رُوحِي وَدَمدَمَا
وَهَل ظَنَّ مَعشُوقٌ إذا زَارَ طَيفُهُ ؟
بِلَيلٍ بَهِيمٍ عَاشِقَاً بَرَّ مُغرَمَا
ايُطفِي لِنِيرَانِ الجَوَى طَيفُ زَائرٍ؟
وَقَد شَبَّ جَمرَ الشَّوقِ نَارَاً وَاضرَمَا
إذا لم يَكُن وَصلَاً يُطَفِّي صَبَابَةً
يُسَلِّي بُعَيدَ البَينِ قَلبَاً مُتَيَّمَا
فَمَا نَفعُ مَكتُوبٍ يُكَنِّي مَشَاعِرَاً؟
وَاطيَافُ عُميَانٍ تُنَاجِي لِابكَمَا
فَانَّ الهَوَى نَارٌ يُلَظِّي سَعِيرَهَا
سَرَابٌ تَلَاشَى مُذكِيَاً حُرقَةَ الظَّمَى
إلَا إنَّمَا وَصلُ العَشَاقَى تَعَانُقٌ
جُسِيمَاً مُذَابَاً في جُسِيمٍ تَلَملُمَا
إذا بَاعَدَت بَينَ المُحِبِّينَ امكِنٌ
يَبَاتُ التَّعَزِي في خَيَالٍ تَوَهُّمَا
عَشِقتُ بِلَادَاً مَا تَهَنََى فُؤَادُهَا
وَمَعشُوقَتِي ارضٌ بَكَت اهلَهَا دَمَا
وَلِيتَ الَّذِي اجرَى الدُّمُوعَ غَزِيرَةً
على وَجنَتِيهَا كَانَ اضحَكَ مَبسَمَا
وَيَا لِيتَ مَن خَانُوا بِلَادَاً اجَانِبٌ
وَإبنَاً عَقُوقَاً مَا غَدَرهَا واجرَمَا
لَهَانَت عَلِيهَا عَاتِيَاتٌ عَصِيبَةٌ
وَمَا نَالَ مِنهَا طَامِعٌ قَطُّ مَغنَمَا
وَلَكِنَّ بَعض الاهلِ خُفَّارَ ذِمَّةٍ
وَبعضٌ تَرَاخَى عَن حِمَاهَا فَمَا حَمَى
وَاشبَاهُ اشبَاهِ الرِّجَالِ تَصَاغَرُوا
فَزَادُوا على مَرِّ الزَّمَانِ تَقَزُّمَا
تَنَاسَى صِغَارُ القُومِ امجَادَ سَلفِهِم
وُمُلكَاً على اصقَاعِ ارضٍ تَجَسَّمَا
رِجَالَاً عِظَامَاً خَفقُهُم حُبّ ارضِهِم
بِبَاسٍ يَمَانِي هَزَّ سَيفَاً مُصَمصَمَا
حَضَارَاتُهُم سَمَّى بِهَا الوَحيُ سُورَةً
واثنَى عَلِيهِم خَاتَمُ الرُّسلِ مُحرِمَا
كَسَاهَا عَظِيمُ المَنِّ تَاجَاً مُجَلَّلَاً
فَعَالت وَجَازَت رُفعَةً قُبَّةُ السَّمَا
وَقَد اصَّلَ المُلكَ العَظِيمَ يَمَانِيٌ
فَحَازَت بِلَادُ اليُمنِ مُلكَاً مُعَظَّمَا
وَهَل كَانَ رُكنُ البَيتِ إلَّا يَمَانِيَا ؟
وَلَا رُكنَ كَنَّى غَيرَنَا أو تَهَمهَمَا
وَحَتمَاً يَعُودُ التَّاجُ يَزهُو مُكَلِّلَاً
إلى تُبَّعٍ والمُلكُ يَاتِي مُكَرَّمَا
يُلَاقِي بِاحفَادِ المُلُوكِ مَرَامَهُ
بِذَا بَشَّرَ الهَادِي الصَّدُوقُ وَعَمَّمَا
وَصَلَّى عَلِيكَ الله يَا خَيرَ مُرسَلٍ
على عَدِّ قَطرِ الغَيثِ دُومَاً وَسَلَّمَا
د. سعيد العزعزي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلة وجدانيات الأدبية (( الوداع )) بقلم الكاتب دمال الدين خنفري /الجزائر

قصة قصيرة جدا الوداع اقتربت منه انسلت روحها إلى وجدانه، ارتبكت فرائصه، أزالت ستائر حيائه بشفاه معتقة بحمرة التخدير، انساق وراء نزواته، عرته ...