الأحد، أكتوبر 13، 2024

مجلة وجدانيات الأدبية (( تحرير العقل قبل تحرير فلسطين )) بقلم الكاتب صخر محمد حسين العزة



تــحــريــر الــعــقــل قــبــل تــحــريــر فــلــســ طــيــن
بقلم : صخر محمد حسين العزة

من أصعب الأمور التي تواجه أي قائدٍ أو راعٍ لرعيته هو كيفية تخليصهم من موروثات ومعتقدات توارثوها من جيلٍ لجيل ، وهذا ما واجهه الرُسُل والأنبياء الكرام في دعواتهم إلى أُممهم بدءاً بسيدنا نوحٍ عليه السلام وانتهاءاً بسيدنا محمدٍ عليه الصلاة والسلام ، وقد واجه هؤلاء الأنبياء والُرُسُل الإنكار وتعرضوا للكثير من الصعوبات والعذاب ليُحرووا عُقول أقوامهم من مُعتقداتهم ، فالقليل منهم من آمن وكثيرٌ منهم أرسل الله عليهم العذاب لجحودهم وكفرهم ، إلى أن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً للرسالات السماوية وخاتماً للرُسُل والأنبياء ، وعانى الكثير من العذاب في نشر دعوته لُيخرج الأمة العربية من ظُلمات الكُفر إلى نُور الهداية ، ويُحررهم من عبودية الأصنام والأوثان إلى عبودية الله الواحد الأحد ، ولينشُر فيهم قيم وأخلاق الإسلام ، وبهم أرسى قواعد دولة الإسلام لينطلقوا بعده في تحرير الأمم من الأفكار والمعتقدات البالية ناشراً بهم أعظم رسالة سماوية فيها أعظم قيم الأخلاق والعدالة النابعة من الدين الحنيف ، وتعاقبت الدول الإسلامية التي أكملت مهمة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم من الخلافة الراشدة إلى الأموية والعباسية ، وإلى دولة الأندلس وانتهاءاً بالخلافة العثمانية ، وعاش العالم والأمم في عصورهم عصوراً ذهبية من العلم والحضارة والتطور في وقتٍ كانت دول أوروبا تعيش في عصور الظلام في العُصور الوسطى.
ولكن بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العُثمانية ، واحتلال دول الإستعمار للبلدان العربية بدأ عصرٌ جديد للأمة العربية اتسم بالضعف وتراجع في كل شيء من مقدرات الأمة بعد أن زرعوا في قلب الأمة العربية الكيان الصه يوني على أرض فلسطين بعد أن جمعوا شتات اليهود المتواجدين في أوروبا بعد أن عاثوا فسادا في بلدانهم فأنشؤوا هذا الكيان المسخ لتحقيق غايتين للتخلص من شرور اليهود ، وليكون هذا الكيان أداة لهم في تفتيت الأمة العربية ، وأنشؤوا كيانات عربية هزيلة تأتمرُ بأمرهم ، وأعلنوا ما يُسمى إستقلال وما هو إلا استقلال شكلي مرهونٌ بقرارات المستعمر ، فهم نعم خرجوا من الأراضي العربية كمحتلين لها لكنهم بقوا مستعمرين الأمة بسياساتهم ومخططاتهم ، وقامت الكثير من الثورات رافضة لهذا الإحتلال الجديد ورفضاً لوكلائهم الذين تم تعيينهم من أبناء جلدتنا الذين كانت مهمتم قمع شعوبهم ومن يخرج عن فروض الطاعة لهم يُزجُّ بالسجون ، وتتعاقب السنين وتُحتل جزءاً من فلسطين في عام النكبة سنة 1948م ، ثم في عام 1967م يكتمل احتلالها كاملاً إلى أن تأتي حرب 6 تشرين أول ( حرب أوكتوبر ) عام 1973م التي كانت نصراً منقوصاً ومجزوءاً ، وقد قال الرئيس المصري محمد أنور السادات ( أردتها حرب تحريك لا تحرير ) وهذا ما حصل إذ وقع في عام 1978م إتفاقية كامب ديفيد التي أنهت الحرب مع الإحتلال الصه يوني ،ومن جرَّاء ذلك تم تعليق عضوية مصر في جامعة الدولة العربية من عام 1979م ولغاية عام 1989م ، وفي هذه الإتفاقية تم سلخ أكبر دولة عربية عن قضايا أمتها وأهمها قضية فلسطين ، وبعد ذلك تم احتلال العراق في عام 2003م الذي كان يقفُ سداً منيعاً في وجه المشروع الإيراني وتبع ذلك الربيع العربي الذي كان خريفاً على الأمة فسقط النظام الليبي ، وما حصل في سوريا وفي اليمن ودور إيران في هذه الدول وهيمنتها عليهم ، ومع تتابع الأحداث في العالم كل ذلك كان له تأثيره السلبي على القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية ألا وهي قضية فلسطين ، وزاد التهميش لهذه القضية بعد اتفاقيات السلام والتطبيع مع الكيان الص هيوني ، وبجانب هذه الهجمة والحروب على الأمة كان هناك حربٌ أخرى تدور على الأمة وهي حرب فكرية وحرب إلغاء العقول ، وذلك بما تبثه دول الغرب من برامج وأفكار في ظاهرها خير وباطنها شر تحت شعار الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان ، وزرع أفكار دخيلة على مجتمعاتنا تتنافى مع أخلاقنا وقيمنا وديننا ، وكذلك بتغيير المناهج بما يتناسب معهم وبحجة التطوير وكله من أجل إبعاد جيل المستقبل عن قضية أمته الرئيسية قضية فلسطين ، ولكن ما هي إلا مرحلة من مراحل التجهيل وتغييب العقول
إنَّما قصدته في مقدمتي وما أرغب في طرحه هو عن أثر القائد في نهوض أمته أو سقوطها وقد قدمت في البداية كيف كان دور الرُسُل في إخراج الأُمم من الضلال إلى نور الهداية ، فالأمم مرهونة بشخص قائدها ومن يُدير ركب مسيرتها ، وفي تربية أجيالٍ تكون عماد نهضة الأمة ، ففساد الأجيال أو صلاحها مرهونٌ براعيها وقائدها ، وفي التاريخ الإسلامي نماذج رائعة من القادة المتميزين في مختلف المجالات ، ساهموا في بناء الحضارة الإسلامية التي لا زلنا نفخر بها إلى الآن في كل المجالات وجمعوا بين العلم والإيمان ، وأخرجوا الناس من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والإيمان ، وأنجبوا أجيالاً مؤمنة حرصت على إتمام سلسلة البناء والتعمير والإصلاح في الأرض ، وتتعاقب السنين وتتوالى الأجيال إلى وقتنا الحاضر الذي ضاعت فيه بوصلتنا وأهدافنا وسبب ذلك فقدان القادة المُلهمين الذين يجب أن يقودوا الأمة إلى برِّ الأمان ، وبذلك تناست الأجيال الرسالة التي خُلقت من أجلها وحادت عن المبادئ والقيم التي تربت عليها، وتقاعست عن طلب العلم، ففقدت بذلك الأمة عزتها وأمست ذليلة بين الأمم ، وعلينا أن نستذكر من تاريخنا المجيد شخصية قيادية بارزة كان لها الفضل في توحيد الأمة وتربية جيلٍ تربى على الإيمان بدينه وقضاياه وبه كانت نهضة الأمة والسير في مواجهة طغاة العصر وأعداء الإسلام ، أن هذه الشخصية الفذة هو القائد صلاح الدين الأيوبي الذي يُعتبر بمثابة الأب الروحي للمقاومين الذين حملوا عبء تحرير المسجد الأق صى على عاتقهم ، وكان صلاح الدين يمتلك شخصية قوية وقرار راجح بعيداً عن العواطف وبذلك كسب ثقة عمه أسد الدين شيركوه وخاض معارك كثيرة مع القائد نورالدين زنكي ضد الوزير الفاطمي المتمرد والإفرنج والصليبيين ، وفي مصر أصبح صلاح الدين الأيوبي وزيراً للخليفة الفاطمي بعد وفاة عمه أسد الدين شيركوه بناءً على طلب أمراء الشام الزنكيين وذلك لما أظهره من حُسن القيادة والتدبير في المعارك ، وبعد وفاة خليفة الدولة الفاطمية الشيعية التي دام حكمها مائتان وإثنان وستون عاماً ، اصبحت مصر كلها تحت إمرة صلاح الدين الأيوبي والذي اتخذها قاعدة لتوحيد الدويلات الإسلامية في حلب والشام والحجاز التي كان الخطر الصليبي يتربص بها ، فوحدهم تحت رايةٍ واحدة بهدف قتال الصليبيين واسترجاع بيت المقدس من قبضتهم ، وكان ذلك الهدف الأسمى في حياته ، ومن أجل ذلك بدأ ببناء جيل مسلم بعقيدة نقية صافية عبر بناء المدارس الإسلامية وتعليم الجند العقيدة السليمة ضمن منهج أهل السنة والجماعة، في الوقت الذي كانت فيه مصر متأثرة ببقايا دولة الفاطمين الشيعية، حيث أمر بتحويل المسجد الأزهر من مركز لنشر التشيع إلى منارة لنشر المذهب السني والعقيدة السليمة ، كما أسس مدرستين كبيرتين في الفسطاط هما المدرسة الناصرية ، والمدرسة الكاملية بهدف نشر مذهب أهل السنة والجماعة في البلاد ، وكانت هاتان المدرستان تُلقنان علوم الشريعة وفق المذهبين المالكي و الشافعي ، و لأجل القضاء على المذهب الشيعي في مصر بشكل كامل أمر أئمة مساجدها بالدعاء للخلفاء الراشدين الأربعة وإبطال الأذان الشيعي بحي على خير العمل
وبذلك نجح صلاح الدين في تأسيس جيش مسلم يقاتل لأجل عقيدة واضحة جلية ذو بأس شديد وعزيمة فولاذية ، مكنه من توحيد البلاد الإسلامية وقتال الصليبيين والانتصار عليهم في الكثير من المعارك ، ولاسيما معركة حطين التي جرت في يوم السبت 25 ربيع الآخر سنة 583 هـ، الموافق في الخامس تموز سنة 1187م والتي كُسرت على أثرها شوكة الإفرنجة وأسر ملكهم مما مهد الطريق لصلاح الدين الطريق للتوغل في ساحل الشام وفتح مدنه و حصونه حتى جاءت اللحظة التاريخية ألا وهي فتح بيت المقدس ودخول مدينة القدس في ليلة الإسراء والمعراج في 27 رجب سنة 583 هـ، الموافق الثاني من تشرين أول سنة 1187م ليتحقق بذلك حلم فارس شجاع قاتل وصبر وبقي ثابتاً كالجبال في وجه المحن لتحقيق هدفه النبيل .
إن الشعوب العربية وعلى مر السنين أصبحت الأجيال وخاصة بعد اتفاقيات السلام تواجه حرباً على عقولها ، وذلك ببث برامج دخيلة على مجتمعاتنا هدفها تغييب هذا الجيل عن قضاياه ، وإلهائه بأمور تافهة تبقي عقولهم فارغة مسلطة عليهم من وسائل التواصل الاجتماعي ( السوشيال ميديا ) والألعاب الإلكترونية ، وهوس كرة القدم ، وهذا كله يقع على عاتق قادة الأمة الذين لا ينظرون إلى الأمور بعين ثاقبة ، ولا يعرفون أن عملية تغييب العقول والتجهيل لجيل الشباب هدفه سلخهم عن مجتمعهم وعن قضايا أمتهم ، ويجب على هؤلاء القادة ترسيخ الثوابت والأمور التالية للنهوض بهذا الجيل الذي هو عنوان رفعة ونهضة أية أمة :
أولاً : فلسطين عنوان عزة العرب ، والقدس بوابة تحرير الأمة منذ أمد التاريخ ، منذ قوروش إلى روما ومروراً بالصليبيين وانتهاءاً بالص هاينة ، ففلسطين مركز الأمة ونقطة الربط بين الأرض والسماء منذ عروج سيدنا محمد إلى السماء من بيت المقدس ليكون في رِحاب الله عزَّ وجلْ
ثانياً : تنظيف العقل العربي مما يزرعه علماء وشيوخ دين ، وإعلاميون ، وأصحاب أقلامٍ مأجورة هدامة يستقون وينهلون معلوماتهم المُضللة من المؤسسات الغربية والصه يونية من أجل متاعٍ زائل ، ولا يفكرون بأمتهم وكرامتها المهدورة ، ومن الأمثلة على ما ينشره هؤلاء بأن الحق لإسر ائيل في الوجود في فلسطين ، وأن فلسطين ليست قضيتهم وهم صدقوا بذلك لأنها قضية الشرفاء وليس الساقطين أمثالهم، وكذلك التشكيك بمكان الأقصى أنه ليس في فلسطين وحتى يُشككون بقصة الإسراء والمعراج ، وبعضهم تطاول على سادتهم من القادة المسلمين كالكاتب المصري الوضيع يوسف زيدان الذي قال عن صلاح الدين الأيوبي أنه أحقر شخصية في التاريخ ، وأمثاله كُثر
ثالثاً : وضع منهاج عربي موحد تترسخ فيه تعاليم ديننا وقضايانا ، وما تغيير المناهج الذي حصل في بعض الدولة العربية إلا لتغييب الوعي والعقل العربي وفك الإرتباط بينه وبين قضاينا كشطب الكثير من الآيات التي تتعلق بالي هود ، وكذلك بعض الأحاديث النبوية ، واختصار الحديث عن القادة المسلمين والصحابة بأعداد معينة ، وتمجيد شخصيات تافهة لا علاقة لها بمجتماعاتنا
رابعاً : التحرر من الأفكار الغربية التي هدفها سلخنا عن عقيدتنا وقيمنا العظيمة بأفكارٍ وبرامج هدامة مثل اتفاقية سيداو والجندر ، وحقوق المرأة وحقوق الطفل ، وبرامج تحديد النسل ، وكل ما له علاقة بتفكيك الأسرة المسلمة
خامساً : تربية الأجيال تربية دينية وترسيخ قيم الإسلام لأن حربنا مع الصهاينة حربٌ دينية وحرب وجود لا حدود ، وقد صرَّحوا علناً في معركة طو فان الأق صى يربطون ما يقومون به من مجازر بمعتقداتهم الدينية ، وأن هدفهم لن يقف عند فلسطين بل سيمتد إلى باقي الدول العربية أولها الأردن ولبنان وسوريا والعراق ومصر وحتى الكويت وجزء من السعودية ، وهذا من أجل تحقيق أطماعهم وإعلان دولة إسرائيل الكبرى
سادساً : ربط الأجيال بقضايا أمتهم وتعزيز فهمهم لها وعلى رأسها القضية الفلسط ينية
سابعاً : يجب على كل إنسانٍ عربيٍ أو مسلم أن يغرس في ذهنه أن هذه الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا هم من أرسوا قواعد دولة الإحتلال ، وما نراه من دعمهم اللامُتناهي في حربه ضد المقا ومة الفلسط ينية في غزة وما يرتكبونه من قتل وتدمير وتجويع ما هم إلا شركاء في هذه الحرب ، لأن زوال هذا الكيان هو زوال لوجودهم وسيطرتهم على المنطقة وعلى ثرواتها ، فهؤلاء لم ولن يكونوا يوماً مع قضيتنا المركزية قضية فلسطين ولا مع أي قضية عربية ، لأن هذا الكيان أُنشئ لغاية واحدة لتحقيق هدفهم في وطننا وهو عدم توحد الأمة وأن تبقى مُفككة من أجل أن تبقى بقرة حلوباً ينهبون خيراتها
ثامناً : إن ذروة سنام الإسلام الجهاد وهو فرض عين ومن يتخلى عن ذلك وفي هذه المرحلة هو شريك للإحتلال في إبادة شعب فلسطين ، ومن يتهم المقا ومة بأنها السبب في ارتكاب هذه المجازر فهي حُجة العاجز ، فهذا العدو منذ ستة وسبعين سنة وهو يرتكب المجازر ضد الشعب الفلسطيني ، وزادت جرائمة في ظل اتفاقية أوسلو التي ما هي إلا اتفاقية خنوعٍ واستسلام ، ومعركة طو فان الأق صى أفشلت مخططات خطرة كان ينوي القيام بها أولها هدم المسجد الأقصى ،وتهجير أبناء الضفة إلى الأردن ، وأبناء قطاع غزة إلى مصر
وأود القول أن ما جرى في طو فان الأق صى وقد أمضى عامه الأول هو إعجاز رباني بصمود هؤلاء الأبطال من المقا ومة ، وصمود حاضنتهم أبناء قطاع غزة رغم الدمار والقتل والتجويع ، ما كان ليكون لولا إيمانهم الراسخ والمتين ، فهؤلاء هم الصحابة الجدد الذين تربوا في مدرسة رسول الله وهم خلفاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تخرجوا من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم وقاموا بتحرير الإنسانية ، والانتصار على الإمبراطورية الرومانية والفارسية كما إستطاعوا المسلمون عندما تربوا على هذا المنهج الرباني تحرير الأرض المقدسة والتي هي محور الهجمات منذ فجر التاريخ من الرومان في عهد الفاروق عمر رضي الله عنه، ومن الصليبين في عهد صلاح الدين، ومن التتار والمغول في عهد سيف الدين قطز والظاهر بيبرس رضي الله عنهم جميعاً ، ولهذا يجب تربية أجيالنا وتنشأتهم معتمدين على تنشأتهم بثلاث ركائز رئيسية يحاول الغرب كل جهده لإسقاطها وهذه الركائز هي أساس نهضة أية أُمة وقدوات للأجيال الناشئة وهي الأسرة والمعلمين ، والعلماء .
ولهذا فإن دول الغرب الإستعمارية تحاول إسقاط هذه القدوات فبإسقاطهم تسقط الأجيال ، فتربية جيل مُسلحٌ بالإيمان كما هو في غزة والضفة ، جيلٌ يعشق الشهادة والجنة، ويتسابق على المقاومة والموت من أجل إعلاء كلمة الله وتصدي لجميع العدوان والاعتداءات ، ولهذا يجب تجهيز الأجيال بكل عدة وعتاد وليس المقصود هنا بالعدة والعتاد والذخيرة والسلاح فحسب، وليس المقصود بالمقاومة والجهاد هو ذلك المفهوم المجرد الذي يفهمه الكثيرون من شبابنا ممن حمل السلاح، ولكن على من حمل السلاح أن يحمل بجانبه العلم والأدب والدعوة والتربية الإسلامية، بالعلم تشتد السواعد وترتقي العقول ، ولتحقيق كل ذلك بحاجة إلى قائدٍ ملهم ومؤمن تربى على الإيمان ، لا يخاف في الله لومة لائم ويكون قائداً يقتدى بهم كصلاح الدين الأيوبي وقطز وخالد بن الوليد ، ليقود الأمة ويخرجها من مستنقع المهانة ، ولا يكون ذلك إلا بالأمور التالية :
أولاً : الدعوة لوحدة الصف ، وتوحيد الأمة العربية للخطر الداهم الذي يتربص بهم ، فالكيانات العربية الموجوده هي كيانات مختلقة حالها كحال الكيان الصه يوني نتاج اتفاقية سايكس بيكو التي بناءاً عليها تم إنشاء هذه الدول ووضعوا عليها قادة ليكونوا وكلاء لهم ، ولهذا يجب تحررهم من ربقة الإستعمار الذي خرج من الأرض ، و لكنه استوطن العقل والفكر ، ولا يتسطيعون أن يتخذوا قراراتهم إلا بالعودة لهم
ثانياً : ضرورة الإستقلال عن دول الغرب لأنهم هم الأعداء مثلهم مثل الص هاينة، ويجب الإستغناء عنهم ، وعدم الإعتماد عليهم في شتى شؤون الحياة ، وهذا لايتعارض مع الإفادة مما عندهم من تقدم مادي من أجل تسخيره لخدمة هذا الدين، وتقوية المؤمنين ، دون ذل أو خضوع أو تنازل.
ثالثاً : الاهتمام بتربية الجيل المسلم على ثقافة القوة والمقاومة والعزة، وصدق الإنتماء، وتحديد الولاء لله ولرسوله، والبراءة من المشركين ، وعدم الإعتماد على ثقافة الغرب أو التأثر بها إلا بما يتناسب مع قيمنا ومعتقداتنا
رابعاً : تأهيل المؤسسات التربوية من أجل بناء جيل مسلم قادر أن يستعيد للأمة هويتها التائهة الضائعة، وتعيش قويةً شامخةً بروح الجهاد الحقيقي، تُرهب عدوَّ الله وعدوَّها، فلا ينال منها في دينها، أو عرضها، أو أرضها ، فالجهاد جزء من العقيدة وركن من أركان العبادة ، والأمة الإسلامية عليها إلاعداد والإستعداد لأنها ستبقى مستهدفة ، وهي لا ينقصها شيء إلا الإرادة فهي تملك من الطاقات البشرية، والعقول المفكرة، والإمكانيات المادية، والمواقع الإستراتيجية، ما يمكنها من أن تكون أعظم قوة في الأرض ، قال تعالى في سورة الأنفال – الآية 60 : {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}
وخلاصة القول فهل نرى صلاح الدين جديداً في وقتنا الحاضر أم أن جيوشنا العربية وقادتها منشغلة بحماية عروش ملوكهم خشية ثورة شعبية تسقط حكمهم ، ولهذا نحن بحاجة لقائد يرفع شأن الأمة ويعيد تربية الأجيال إستعداداً لمعركة التحرير من جور الصهاينة وأذنابهم ولهذا ينبغي أن تتكاتف الجهود (البيت - المدرسة المسجد - النوادي - الإعلام...الخ) لإنقاذ شباب الأمة وناشئتها من واقع مؤلم تمر به وواقع أمر هي مقبلة عليه فلابد من تكاتف جهود جميع فئات المجتمع من دعاة وعلماء و تربويين واجتماعين ونفسانيين لغرس القيم النبيلة الأخلاق الحسنة والتنفير من الأخلاق الفاسدة وغرس هذه الأخلاق في نفوس شبابنا وفتياتنا ) فتحرير فلسطين لن يكون إلا بالوحدة وتظافر الجهود وتحرير العقول من كل أفكار دخيلة عليه ، وعلينا أن تكون قدوتنا هؤلاء الأبطال من المجاهدين الصحابة الجدد حفظة القرآن الذين باعوا متاع الدنيا وتفرغوا لنصرة دين الله ولتحرير وطنهم وأقصاهم ، ويُجابهون أعتى وأحقر احتلال مع شركائه من دول الغرب والمتواطئين والمتخاذلين من الدول العربية ، وهؤلاء الأبطال هم الجيل الإسلامي الذي وصفه تعالى في سورة المائدة – الاية 54 : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
صخر محمد حسين العزة
عمان – الأردن
11/10/2024

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلة وجدانيات الأدبية (( الوداع )) بقلم الكاتب دمال الدين خنفري /الجزائر

قصة قصيرة جدا الوداع اقتربت منه انسلت روحها إلى وجدانه، ارتبكت فرائصه، أزالت ستائر حيائه بشفاه معتقة بحمرة التخدير، انساق وراء نزواته، عرته ...