الأحد، ديسمبر 15، 2024

مجلة وجدانيات الأدبية (( زَمَانُ الوَصل )) بقلم الشاعر د. سعيد العزعزي


د. سعيد العزعزي 

زَمَانُ الوَصل
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
وَقَفتُ على الاطلَالِ صَبَّاً مُفَارِقَا
وَلَفحُ الجَوَى يَكوِي فُؤَادِي مُحَرِّقَا
تَذَكَّرتُ احبَابَاً كِرَامَاً تَبَاعَدُوا
وَصَبُّوا على قَلبِي المُعَنَّى صَوَاعِقَا
كَانِّي غَدَاة البَينِ وَالرَّحبُ ضَائِقٌ
قَبِيعَاً بِلَحدٍ لَزَّ جِسمِي مُطَوِّقَا
حُبُوبَاً بِطَاحُونٍ غَلِيظٍ يَفُتُّنِي
وَمَا حَسَّ قُطبَاهُ انِينَاً لِيُشفِقَا
زُجَاجَاً مُشَظَّىً في يَبَابٍ مُرَوِّعٍ
وَقَلبِي رِقَاعَاً وَالتَّنَائِي مُمَزِّقَا
وَلَمَّا قَلَى شَوقٌ فُؤَادَاً مُلَوَّعَاً
وَامسَى حَنِينٌ مَدَّ بَحرٍ مُغَرِّقَا
سَرَيتُ بِلِيلٍ غَيَّبَ الغَيمُ بَدرَهُ
وَوَارَى نُجُومَاً سُحمُ لَيلٍ مُزَهِّقَا
وَحِيدَاً بِدَربٍ مُوحِشٍ اسحَبُ الخُطَى
وَصَوتُ الضَّوَارِي حَفَّ دَربِي مُرَافِقَا
فَمَا زَلَّتِ الاقدَامُ أو خَارَ عَزمُهَا
وَلَا هِبتُ في مَسعَى حَبِيبٍ طَوَارِقَاً
وَمَا إن دَنَت مِنِّي مَسِيرَةَ لَيلَةٍ
دِيَارُ حِبيبٍ نَوَّرَت لِي طَرَائِقَا
فَسَارَعتُ خَطوَاً رُغمَ مَا بي مِنَ العَنَا
وَخِلتُ التَّدَانِي رَمَّ جَرحَاً مُرَتِّقَا
وَنَبضَاتُ شِريَانِي تَعَالَت وَخَافِقِي
خَفُوقٌ كَطَيرٍ شَقَّ صَدرِي مُصَفِّقَا
كَبَازٍ يُوَازِي خَافِقَيهِ مُسَارِعَاً
طِرَادَاً لِصَيدٍ حَفَّهُ المَوتُ مُحدِقَا
غَدَا الشَّوقُ حَمَّالَاً شَغُوفَاً مُوَلَّهَاً
تَمَطَّى لِصَهوِ الرِّيحِ خَيلَاً مُحَلِّقَا
يُجَارِي شُعَاعَ الشَّمسِ يَطوِي فَضَاءَهُ
بِصُبحٍ رَبِيعِيٍّ إلِيهِ مُحَدِّقَا
شَغُوفَاً لِيَهنَى وَردَ رَوضٍ يَتُوقُهَا
لِاحضَانِ مَعشُوقٍ تُذَوِّبُ عَاشِقَا
وَلَمَّا تَلَاقِينَا رَنَت من لِحَاظِهَا
بِغَمَازِ رِمشٍ صَابَ قَلبِي مُخَرِّقَا
وَمِن غَيرِ قَولٍ بَادَرَتنِي تَحِيَّةً
بِهَمسٍ خَفِيٍّ جَاوَزَ البَوحَ مَنطِقَا
وَاحيَت مَوَاتَاً بَسمَةٌ من شِفَاتِهَا
وَثَلجُ الثَّنَايَا بِالشِّفَاتِينِ اُلِّقَا
فَصِرتُ ثَمِيلَاً مَا احتَسِيتُ لِخَمرَةٍ
وَلَكِن غَشَانِي فَائِحُ الجِسمِ عَاتِقَا
وَقُلتُ : جَلَى إشرَاقُ وَجهٍ غَشَاوَةً
وَلُحتِ فَحَسَّت عُتمَةُ الرُّوحِ بَارِقَا
فَقَالَت : اذَابَ الشُّوقُ مُهجَةَ عَاشِقِي
وَكَادَت لَظَى الاشوَاقِ تَصهَرُ خَافِقَا
وَإنِّي كَمَا عَانَيتَ دَهرَاً مُكَابِدَاً
اعَانِي لَهِيبَاً ازعَجَ الرُّوحَ مُرهِقَا
وَلَكِنَّنِي مَا خِلتُ انَّكَ زَائِرِي
وَلَا جَالَ في خُلدِي تُدَانِي مُلَاصِقَا
فَهَل جِئتَ طَيفَاً زَائِرَاً سَاعَةَ الكَرَى ؟
وَهَل قَد حَوَى قَحلُ الصَّحَارِي حَدَائِقَا ؟
فَذَرنِي لِايَّامٍ ارَوِّي تَمَهُّلَاً
وَاردِي لِشَكٍّ سَاوَرَ النَّفسَ مُقلِقَا
وَلَستُ اطِيقُ البُعدَ يَا نُورَ مُقلَتِي
وَعَمَّا قَرِيبٍ سَوفَ تَهنَى رَحَائِقَا
فَقُلتُ لَهَا : تَاللَّهِ انَّ مَغَارِبَاً
تُلَاقِي بِتُوقِ العَاشِقِينَ مَشَارِقَا
وَلُو انَّ قَلبَاً مِنكِ عَانَى صَبَابَةً
واضحَى فُؤَادٌ بِالخَطَاطِيفِ عَالِقَا
وَامسَت شُفِيرَاتُ الجَوَى تَستَبِيحُهُ
لَمَا طِقتِ صَبرَاً حِينَ جِئتُ مُعَانِقَا
وَلَمَّا اتَانِي مِنكِ طَيفٌ مَخَادِعٌ
بِمِرسَالِ مَكرٍ غَادَرَ القَوسَ مَارِقَا
اتَيتُ وَقَد طَارَت إلِيكِ حَشَاشَتِي
وَجَاوَزتُ في عَدوِي بُرُوقَاً مُسَابِقَا
وَكُنتِ وَعَدتِينِي مِرَارَاً فَلَم تَفِ
وَلَم تَبعَثِي إلَّا طِيُوفَاً حَوَارِقَا
وَقَطَّعتِ حَبلَ الوَصلِ لَم تَرافِي بِهِ
وَإن رُمتُ وَصلَاً كَم وَضَعتِ عَوَائِقَاً
وَكَم عَذَّبَتنِي قَبلَ هَذَا وُعُودُكِ
كَاضغَاثِ احلَامٍ تُوَارِي حَقَائِقَا
وَقَلبِي عَلِيمٌ انَّهُ وُعدُ كَاذِبٍ
وَلَكِنَّهُ بِالحُبِّ غَرَّاً مُرَاهِقَا
فَغَالَطُت نَفسِي قُلتُ : لَا بُدَّ ان تَفِي
وَمِن الفِ قُولٍ رُمتُ فِعلَاً مُطَابِقَا
تَرَوِّي كَمَا شِئتِ لَعَامٍ وَآخَرٍ
فَايَّامُكِ بَاتَت سِنِينَاً مَوَاحِقَا
تنائَي بَعِيدَاً مِثلمَا كَانَ دَابُكِ
فَمَا عَادَ قَلبِي قَولَ زُورٍ مُصَدِّقَا
عَزَمتُ على إيصَادِ ابوَابَ خَافِقِي
وَاحكَمتُ اقَفَالَاً غِلَاظَاً غَوَالِقَا
وَافنَيتُ رَجعَ الصَّوتِ في مَسمَعِ الصَّدَى
امَامَ الهَوَى إن جَاءَ لِلقَلبِ طَارِقَا
وَاحرَقتُ اورَاقَاً رَسَمتُ حُرُوفَهَا
بِزَاكِي دَمٍ في مَحرَمِ العِشقِ اُهرِقَا
وَابدَلتُ إرهَافَ الفُؤَادِ قَسَاحَةً
وَصَيَّرتُ احبَالَ الغَرَامِ مِشَانِقَا
وَسَافَرتُ من ارضِ الهُيَامِ مُهَاجِرَاً
لِارضِ وَفَاءٍ لَيسَ تُؤوِي مُنَافِقَا
(وَكَانَت فَبَانَت) دُونَ رَجعٍ مَحَبَّةٌ
رَمَيتُ على عِشقٍ ثَلَاثَاً مُطَلِّقَا
وَدَاعَاً لِاوقَاتٍ تَوَلَّت سَرِيعَةً
لِافرَاحِ عُمرٍ خَامَرَتنِي دَقَائِقَا
وَدَاعَاً لِوَاحَاتِ الرَّغَادَةِ وَالهَنَا
لِضَوعِ جِنَانٍ زَارَ رَوحَي مُعَبِّقَا
وَدَاعَاً حَبِيبَ العُمرِ قَد اُزهِقَ الهَوَي
وَمِن بَعدِ مَوتٍ لَا تَدَانِي وَلَا لِقَا
د. سعيد العزعزي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلة وجدانيات الأدبية (( الوداع )) بقلم الكاتب دمال الدين خنفري /الجزائر

قصة قصيرة جدا الوداع اقتربت منه انسلت روحها إلى وجدانه، ارتبكت فرائصه، أزالت ستائر حيائه بشفاه معتقة بحمرة التخدير، انساق وراء نزواته، عرته ...