المعلم
أسْرَجتُ قَلْبِي مَصَابِيحَاً و فَيْضَ رُؤى
فَعَادَ دَرْبُ السُّرَى بالنُّورِ مُمْتَلِئا
وَ رُحْتُ أَغْذُو يَرَاعَاتِي بِعَزمِ دَمِي
فَزَادَ قَلْبِي اتقاداً كُلَّما انْطَفَأ
إنْ تَغْرب الشمسُ ضوءُ القلبِ مُنْدَفِقٌ
أو يَهْدأ اللَّيْلُ عَزمُ القَلْبِ مَا هَدَأَ
أنَا وكراسُ تَحْضِيرِي وحُلمُ غدٍ
زاهٍ ونَزْفٌ بِوَجهِ الوَقْتِ مَا بَرَأَ
وهَمْسُ نَجمٍ وَرَاءَ الأفقِ يَرْمُقُنا
وكُلَّمَا مَزَّقُوا أضْوَاءَه رَفَأ
نَسَجْتُ مِنْ ضَوْئهِ والْحَرْفِ أَجْنَحةً
لِنَاشِىءٍ كَيْ يَرَى الْغَايَاتِ مُبْتَدَأَ
خَضَّبْتُ طِرْسِي بِدَمْعِي وَالدِّمَاءِ مَعَاً
لِكَيْ أُضِيءَ لِمَنْ صلى وَمَنْ قَرَأَ
وَبِتُّ أفْرِشُ آمَالِي عَلَى هُدُبِي
أَُضْنَى لِأُبْصِرَ جِيلاً بِالْمُنَى هَنِئَا
طَاوٍ وَخُطَّةُ دَرْسِي بتُّ أَرْسُمُها
والدَّمْعُ يَطْمِسُ خَطِّي كُلَّمَا انْكَفَأَ
أَغْدُو إِلَى الدَّرسِ و الأقَدَامُ مُرْهَقَةٌ
وَ ألفُ جُرْحٍ بأقْصَى القَلْبِ قَدْ نَكَأَ
مَعِي يَرَاعِي عَلَى حَرْفِي أهُشُّ به
وإن تَعِبْتُ غَدَا للروحِ مُتَّكَأَ
في صَدْرِ سُبُّورَتِي تَرْتَاحُ أشْرِعَتِي
لَعَلَّ فِيهَا مِن الأحْزَانِ مُلْتَجَأ
مِن واقعٍ يَتَشَظَّى فِي الضُّلُوعِ أسىً
وكـُلَّمَا لمْلَمُوا أجْزاءَهُ اهْتَرأَ
أُمِرُّ طَبْشُورتِي فِيهَا عَلَى مَهَلٍ
كالْغَيثِ يُنْبتُ فِي صَحْرَاءها الْكَلَأَ
لَمَّا رَأيتُ عُقُولَ النشءِ ظامئةً
لِلعِلْمِ سَيَّلْتُ قَلْبِي يُطْفِئُ الظَّمَأَ
ورُحْتُ أَكْسْو عقولَ النشءِ معرفةً
و أمْسَحُ الرَانَ والتَجْهِيلَ والصَّدأَ
قد يُشْـرِقُون غَـداً فِي كُـلِ زاويةٍ
ويصبحُ الجَهـلُ والإظلامُ مُهْتَرِئا
تَنُوءُ بي قَدَمِي والدربُ يُرْهِقُها
وَكـُلَّمَا طالبَتْهُ بالدُنُوِ نأى
أَمْشِي وأَمْشِي.. وخَيْبَاتُ السِّنِينِ لظى
تَرُومُ كَسْرَ فُؤَادِي كلما برأ
أَمْشِي و حَوْلِي نَظْرَاتٌ تُهَامِسُنِي
إيَّاكَ أنْ تَنْطَفِئ فَاللَّيْلُ مَا فَتِئا
إيَّاك... والدَّرْبُ تَطويه الجهاتُ على
أعـقابـه فيواري الخَـتْـمُ مُبْتَدَأَ
اسْتَلُ خَيْطَ ضياءٍ من عروقِ دمي
وأزرعُ الدربَ أنواراً لمن وطئا
أَسِيرُ من شَظَفٍ قاسٍ إلى شَظَفٍ
أَقْسْى ومَا لانَ ليْ عَيِشٌ ولا مَرِئا
خَلْفِي أنينُ صغاري في دمي قَلَقُ
و من أمامي مرايا البؤسِ قَدْ جرؤا
اسْتَنْطِقُ الصخرةَ الصماءَ أغنيةً
حَتَّى أُرَقِّصَ طَيْراً قلْبُه وُجِئا
وفي فؤادي مواويل تضج أسىً
خبأتها بابتسام أوهم الملأ...
إني أخو فرحٍ زاهٍ وما علموا
إن ابتسامي على جُرحِ الحشا اتكأ
ورحتُ أمسحُ دمعاتٍ وأزرعُ بسـ
ــماتٍ وحُزني غريبٌ ظلَ مُخْتَبِئا
من راحتيَّ يصبُ العلمُ جدولَه
وكلُ عرقٍ بجسمي يشتكي ظمأَ
في قعر جُبٍّ رموا حلمي وما عَبَرتْ
سيارةٌ أوردوا دلواً ولا رشأ
أقلبُ الطرفَ من حولي هنا وهنا..
يعودُ طرفي بحَرِّ الدَّمعِ مُمتلئا
حيثُ المعلمُ لا كفٌ تُمَدُ لَهُ
إلَّا التي من أساها قلبُه صَدِئا
حيث الغدُ الغضُ مازالتْ ملامِحُهُ
حيري و تستقدمُ الفجرَ الذي اخْتَبَأَ
و كـُلَّمَا زَفَّ من أنْسَامِهِ نَبَأً
أتتْ رُؤى اللَّيْلِ تنفي ذلك النبأََ
لأنهم ما رأوا إلا الأسى خبراً
مدوا النهاياتِ للآلامِ مبتدأ
لكلِ حرفٍ أقاموا رعبَ مشنقةٍ
وكل قلب مشوق قلبه رزأ
كم صحتُ فيهم رأيتُ السدَ ينخرُه
فأرُ الجهالةٍ حتى جسمه اهترأ..
تنبهوا.. نذر الطوفان غاضبةٌ
ولا سفين إذا طوفانهم فَجَأَ
كأنَّ تنورهم قد رج وانكسرت
منه الجوانب لما فار وانكفأ
تقول زرقاؤهم: إني أرى شجراً
يقولُ كاهنُهم: غصنَ السلامَ رأى
وقلتُ إني أرى أن تبتنوا وطناً
لا تهدموه فيخبو مجدُه خطأ
فاستهجنوا النصحَ وامتدتْ معاولُهم
لجنتيه فأضحى كرمُه حمأ
وكان من رام عنهم درأ مهلكةً
مُدَّتْ معاولُهم تجتثُ من دَرأ
وظِلْت أصرخ والأقوام ساهمة
ما مـر بي ملأ إلا وبـي هــزئا
وكنت أطرح قلبي كلما فتحوا
ثقباً أسد به في السد ما انكفأ
وظِلْت أصرخ والأقوامُ ما اكترثت
بي وانفتاق بوجه السـد مـا رقأ
كأنَّ لم يبصروا ما قد بَصُرتْ به
أو أنهم ليسَ مما قد دها برآء
طَيَّرتُ هدهدَ قلبي للعلى أملاً
إن يلقْ في دربِه بلقيسَ أو سبأ
فعادَ طيري كئيباً دون أجنحةٍ
لا جنتين ولا عرشاً هناك رأى
إلا بقايا من الأحطاب قيل له
إثل وسدر هنا كانا وقد نتأا
والعرش أين ؟ وقوم أقوياء هنا
لا شيء مما مضى إلا الذي طرأ
مسكينةٌ تلك بلقيسٍ وما عَلِمتْ
ما كان في صفحةِ الأيامِ مختبئا
لو أنها لفظت قوما بها ائتمروا
أو ما اعتدت لهمُ عرشاً ومتكأ
لكنها فَتَحتْ بالحبِ مهجتها
فَمَلَّكُوا قلبها الغِربانَ والحَدَأَ
لو نَكَّرُوا عرشَها كانتْ ستعرفه
أو غَيَّـبوهُ لأبـدا ضـوءُه الـنـبـأ
لكنهم هدهدوها والعروشَ مـعاً
مهيضةً وجهُها من وجهِها اختبأ
ومن له من كتابٍ العلمِ معرفةً
أنساه عفريتُ جنِّ الإنسِ مَا قَرَأََ
حتى تَصَحًرت الأفهامُ وانطفأتْ
مشاعلٌ كان يهدي نورُها المَلأَ
وكنتُ وحدي وصحراءُ الجهالةٍ في
وجهي وخلفي الذي منْ خوفِها التجَأ
وكلما دفعتْ من ليلِها كِسَفَاً
أُجْلِي بطبشورتي الليلَ الذي طَرَأَ
اسْتَنْهِضُ الفجرَ والأجيالُ مصغيةٌ
لِيَنْظُرُوا غدَهُمْ بَيْنَ الدُّجَى وَمَأَ
يَا بنتَ بلقيسِ لا يأسٌ فَيَهْزِمُنا
وَلَا صَبَاحٌ نأى عَنْ مُقْلتَيْكِ نَأَى
حتماً سَيَنْهضُ فجرُ العِلْمِ مبتسماً
ويصْعَدُ الصُّبحُ بالآمالِ مُمْتَلِئا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد خادم نبيش
قرية الزاوية ـ القرشية السفلى
زبيد -الحديدة-اليمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق