قصيدة كتبتها مسبقاً في تحرير بيت المقدس
كما صنع زنكي منبراً للأقصی تفاؤلاً
الفتح المبين
صهر الشوق حنايانا زمانا
ما خبا طرفة عين في دمانا
َنرقب الوعد الذي كنا نری
وجهه المشرق في الغيب عيانا
كلما ذَوِّقَنَا القهرُ أسیً
٘سكبت بشراه شهداً في أسانا
كم بكينا حرقة من ألم
فهمی يمطر سلواناً بكانا
أيها الفتح لقد صغناك من
مهج الأجيال فخراً لا امتنانا
كم سحقنا من قرابين فلم
تشفِ في حقك إصرار فدانا
حينما أشرقتَ بسَّاماً ذوی
كل خطب في محياك وهانا
في انتظار الفتح كم أفنيت يا
دهرنا منا وأنظرت منانا
أين من حاولوا استئصالنا
لا أری اليوم علی الأرض سوانا
أين طغيان القوی في أرضنا
لا أری في أرضنا غير قوانا
زعموا أن يهدموا مسجدنا
ها قد انهدوا وقد ظلَّ مصانا
أين عباد الكيان الجبناء
لا أری اليوم عبيداً أو كيانا
رفع التاريخ قوماً في الذری
ورمی في درك الخزي الجبانا
مهج الأبطال شَعَّتْ حدثاً
يملأ الدنيا زماناً ومكانا
شادت الأشلاء أمجاداً لنا
مشمخرات يناطحن العنانا
وكأنا لم نكن يا أمتي
أي شيء قبل هذا الفتح كانا
كم سقينا تحته الأرض دماً
ومن العزة أضعافاً سقانا
هل عرفنا الصبح قبل اليوم أم
أننا عشنا عقوداً في دجانا
ولقد فَجَّر صمت الكون حمداً
وتكبيراً وذكراً وأذانا
لم تزل بشراه تهمي فرحاً
ولقد ماست مآسينا جِنَانا
من يرانا فوق هامات النجوم
قد رسمنا اليوم آثار خطانا
بعثت أشلاؤنا المجد فتی
بعدما أُلْقِيَ جثماناً مُهانا
ما اقتحمنا الموت الا طمعاً
في حياة هي أندی وضمانا
ما وردنا كل خوف خطر
عَنَتَاً إلا لنمتاحَ الأمانا
نستفزُّ الأَسْرَ نستعديه كي
نحيَ أحراراً علی كل ثرانا
وقطعنا حجج الجوع العجاف
لنلاقي حججاً خُضْراً سِمَانا
هذه القبلةُ إحدی مقلتين
لهدانا أَوَيَعْوَرُّ هدانا!؟
أرضنا نحن كيانٌ واحدٌ
لو فُصِلنا لم يكن شيئاً كلانا
إنما خافقها خافقنا
وحشاها في الملمات حشانا
تغتلي غاضبة في دمنا
تمَّحي عشقاً رهيفاً في هوانا
تقتني أعيننا ،ألسننا
،سمعنا سمعاً وعيناً ولسانا
طال مثوانا بأجداث الشتات
لم نغب عشراً كموسی أو ثمانا
حيثما عشنا بلا أفئدة
إذ هربنا وتركناها قفانا
وقد استعجزنا يومئذ
نزعها من وسط أحشاء ربانا
ورجعنا كالعراجين الی
حيث خبأنا زراقيف صبانا
شيعتنا طرق شتی الی
حيث صبتنا بسوداء حمانا
ووجدناها لنا قد أثثت
قلبها شوقاً وعشقاً وحنانا
والتحمنا بعدما بعثرنا
عسف فرعون عناقاً واحتضانا
تعزف الآمال بشری أطربت
في حشا التذكار آلاماً حزانی
هل دری كل جبان أنه
لا ينال الخلد الا من تفانی
أله من حُرَمٍ من كان لم
يمتشق سيفاً ولم يركب حصانا
نشتري العزة بالغالي ولا
نشتري بالثمن الأغلی هوانا
كم شكونا ألم الكي وهل
كان يشفی جرحنا لوما كوانا
ربما الآلام بشری ونری
في المخاض المر أن البشر حانا
هل يميز التبرَ إلا حرقُهُ
ميَّز الكرب فلاناً وفلانا
قد علمنا في سعير النائبات
من غدا جمراً ومن صار دخانا
إن تكسرنا شظايا مالنا
هيكل نحفظ فيه محتوانا
كل فتق وعداء بيننا
قوة تُنزع منا لعدانا
إن خلعنا جلدنا جفنا وما
ذا سوی إبصارنا غير عمانا
نحن لسنا تبعاً بل أمة
ربنا للحق والصدر اصطفانا
إن أم الكفر ليست أمنا
وأباهم ليس في العطف أبانا
أإلی الظالم نشكو ظلمه
هل يری حقاً لنا أو هل يرانا
نحن أهل الحق هذي أرضنا
ذاك أقصانا ومسری مصطفانا
إننا أحفاد كنعان وأتباع
موسی وفتی موسی فتانا
إن رضينا بحصاة للعدی
أخذوا ما فوقها دون رضانا
باركت للقدس كل الأنبياء
وتلاقوا كلهم في ملتقانا
وشعرنا بشذی أنفاسهم
ينضح العطر بأنفاس ضحانا
وصلاح الدين والفاروق والضيف
والسنوار يحدون سرانا
حينما سرنا الی يافا وحيفا
وعكا ودخلنا عسقلانا
ثأرنا المنصف من ظلامنا
فجر الري عيونا في ظمانا
انطفی الحقد صفونابعدما
عكرت أدخنة الحقد صفانا
وحياء ذاب يأس الانتظار
ليته ما استبطأ الفتح أوانا
إن وعد الله حق فلقد
فلق الكربَ خلاصاً بعصانا
أيها الفتح ولو لم تعطنا
غير إشراق المحيا لكفانا
أعصر اليوم جَنَاني فإذا
كل معنیً فيك قد صار جنانا
حنكت عيي معانيك وفي
لحظة ينذلق العيُّ بيانا
ساحر أنت لقد أوريت في
ثلجنا ناراً وثلجت لظانا
و تهاميت علی الشوك ندی
فاستحالت نرجساً أو أقحوانا
وتلألأت سنا في دمنا
بعدما امتص الأسی كل سنانا
هجت في النفس ربيعاً غدقاً
بعدما أجدبها الضيم امتهانا
وتجولت نسيماً عطراً
تنضح الأيام زهواً بشذانا
وتفجرت رؤی طامحة
بعدما جففت البلوی رؤانا
وارتعشت اليوم ألحان هوی
وتمايلت بشارات حسانا
ذبت في كل فؤاد مقة
وأذبت القلب عشقاً وافتتانا
واضطرمت اليوم فينا أملاً
بعدما كَلَّ انتظاراً وتوانی
أيها الفتح ستبقی حدثاً
يملأ الدنيا زماناً ومكانا
هلال مفرح المرصبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق