السبت، سبتمبر 30، 2023

مجلة وجدانيات الأدبية (( مشاعر من ورق ...!! )) لـ منيرة الغانمي ـ تونس

 


مشاعر من ورق ... !!

أحلام مزهرة ...

أمنيات تصارع الغرق ... !!

وميض ذكرى حين الغسق ... !!

اخترق كياني ...

واهتزّ من شوقٍ بالأعماق قد نطق... !!

لمرور طيف بسمائي حلَّق... !!

استوطن وجداني ... !!

والقلب به ذات لقاءٍ تعلَّق ...!!
ـــــــــــــــــــ
منيرة االغانمي ـ تونس

مجلة وجدانيات الأدبية (( قالت لي عرافة )) للشاعر منير صخيري\ تونس


.. ...........قالت لي عرافة ..........
قالت لي عرافة
أيها التاءه المغلوب على أمرك
أيها الحائر مسلوب عقلك
قلبك مقسوم إلى شطرين
نصفه حقيقة ونصفه أكذوبة
عقلك قلبك بيد من تكون ؟؟
قلبك مسجون يهوى العذاب
مسحور مفتون بشبح من خيال
بحر الموت أنت فيه غريق
تتقاذفك أمواجه يمنة وشمالا
أنت كقشة على سطح البحر
تلهو بها الأعاصير والأمواج
يا ولدي كفك ينبؤني أنك مهزوم
لن تعرف الفرح معها غير الهموم
تقاسيم وتجاعيد وجهك كلها أحزان
فحياتك معلقة بقدر مجهول
وروح قلبك بيد امرأة
تعشق الهو بكل القلوب
حياتك معها ضياع وشرود
أنستك من تكون أنت
أيها الحائر فى الهوى عنيد
أنت فى ذهول كالمعتوه كالمجنون
طريقك طريق الضياع سراب
جنون فحبيبة قلبك من تكون ؟؟
ليست من عالمك ولك لن تكون
إرجع لرشدك يا ولدي
قالت لي عرافة
طريقك مسدود
كلها أشواك وأسلاك
سوف تبحر معها إلى عالم النسيان
لن يعرف قلبك غير الألم والأحزان
ما وراء الحدود ما وراء البحار
إلى جزر الوهم إلى العدم
انتشل روحك قبل الفناء
ليس بقلبها الحب ولا تعرف الوفاء
مجنون أنت بحبها مثل الأغبياء
لن يصفى قلبها معك ولا مع غيرك
كل من عشقها أدرك الجنون والفناء
عواطفها كالأعاصير كسموم الرياح
كعاصفة رملية قوية فى قلب الصحراء
لن تجن من عشقها غير الجراح
كل من عشقها ضاع فى مهب الريح
أحرقته بلهيب نار عشقها الأكذوبة
سجنت قلبه سلبت عقله
حطمت أحلامه كبريائه
كل يوم تتقلب على كل شكل ولون
تتوصف كوصف طبع شيطانة او جان
عد يا ولدي قبل فوات الأوان
قبل أن يحملك الطيار إلى الفناء
فحبيبة قلبك هذه شبح من خيال
توصفت لك فى صفة إنس وهي من جان
سوف تفنى فى عشقها
سوف ترحل إلى عالمها
عالم العذاب والموت والفناء
لكنك لن تحظى بصدق قلبها
لأن عشقها وهم وسراب
قصيدة : قالت لي عرافة
الشاعر منير صخيري تونس
السبت 29 سبتمبر 2023

مجلة وجدانيات الأدبية (( حُمَّى االصمت )) للشاعرة ليلى رزوقة \ الجزائر



حُمَّى الصمت
**µµµ**
اقرأ صمتي بصمت
فقلبي لم يعد يُصدق
ما تدولاته عنك السنين
يكفي أنِّي امرأة خانها الهوى
لها من عبرات الحزن دواوين
قد سَئِمت هُرَاء العاشقين
فلا قلب يقبل ذاك الهوان و لا دموع العين
رقعة هذا الفؤاد ترفضك
اخلع رداء الطهر عنك
فلا لحن القول منك يغريني
ولا حبك خارطتي ولا عناويني
خلف الستار أتقنتَ اللعبة
احترفت الرقص بلا ايقاع
و رميت في بحر الهوى الشراع
فكنت الجاني ومنك كانت الجريرة
غادرتُ مدار هواك
فأبجديتي غدت فقيرة
عاندت فيك أحلامي
وأحجمتْ عن كتابتك أقلامي
لم يعد يسكن طيفك أحداقي ولا أوراقي
لا أريد الشراب من كأس الخائنين
قمر الاحساس أثملته
حين كنت أعتقد
أنك لي كل شيئ
اه ...... اه ...
من وجع احتضنه صدري
و الآن صار صقيعا
احترق وطن السعادة والفاعل الخيانة
يكفي يا أنت
قد ارتوى قلبي و اعتزل الشوق و الحنين
والان أقمتُ للفراق المراسيم
لا تقف على جرف خوفي
فثقل الأسي
ما عاد له بقلبي اتساع
تبا لك و للغة العيون
فالحياة وهبت لي روحا
أُداوي بها الجروح
أسافر معها دون خوف
حتى وإن قتلتني يوما
..يكفي أنها لا تخون
ـــــــــــــــ
بقلم .. ليلى رزوقة \ الجزائر

مجلة وجدانيات الأدبية و إجابته الرائعة عن سؤال " من أنتم ؟ "


في رسالة مفقودة عثر عليها وانفردت بنشرها مجلة عربية قديمة ، كانت جوابا عن سؤال وجه إليه ملخصه : " من أنتم ..؟ " ، فكتب #جبران_خليل_جبران يقول : " نحن أمة تحتضر ولا تموت ، قد أحتضرت الف مرة ومرة ولم تمت ، وستحتضر الف مرة ومرة وتظل حية ، #نحن_شعوب تغلب وتخضع في ظاهرها ، ولكنها تبقى ظافرة في طويتها ، نحن الأقوياء بضعفنا ، المنتصرون بإنكسارنا ، نحن الذين نأكل قلوبنا طعاما ونشرب دموعنا خمرا غير أننا لا نلوي أعناقنا ولا نحول وجوهنا عن الكواكب ..
نحن عقدة لم تحلها الأيام وستبقى غير محلولة ، #نحن_باب ضاعت مفاتيحه وسنظل بابا موصدا يحجب وراء مصراعيه أسرار الأزمنة الغابرة واسرار الأزمنة الآتية ، نحن نندب وفي ندبنا همس الحياة ، وغيرنا يهلل وفي تهاليله تأوه الموت ..
#نحن_صرخة تخترق غلاف الأثير ، أما سوانا فضوضاء تزعج الهواء ، تقلق الأزقة والشوارع ..
#نحن_أغنية قديمة ترددها الذكرى كل صباح وكل مساء ، أما غيرنا فلغط في لجة ولفظ في هاوية ..
#نحن_جبل راسخ مقيم ، أما سوانا فاشباح تأتي مع الظلام وتضمحل بإضمحلال الظلام ..
نحن أمة قوية بضعفها ، جليلة بأضمارها ، تتكلم وهي صامتة وتعطي وهي تتسول ، نحن حمل اجمة ، أما عدونا فينظر إلينا من شاهق ثم يهبط ويقبض علينا بمخالبه وينهش أجسادنا بمنقاره مستطيبا طعمنا ، ولكنه لا يستطيع ابتلاعنا ولن يستطيع ابتلاعنا ..
نحن نسكن على ملتقى الطرق ، فما مر بنا فاتح إلا وغرس #السيوف في حدائقنا والرماح في حقولنا متوهما أنها ستنبت غارا يكلل بها رأسه ، ولكنها لا تنبت سوى #الشوك_والحسك ..
تقولون أننا فقراء محتاجون . نعم ، #نحن_فقراء لأننا لم نتعلم السرقة وفنون الإحتيال والغزو والنهب ، فلم نحصد قط سوى ما زرعنا ولم نلبس سوى ما غزلنا ..
نحن #قوم_نبتسم لمن يضحك لنا ولكننا لا نضحك معه ، نحن قوم نتقلد ضيوفنا والوفود المبعوثة إلينا ، ولكننا لا نلبث أن نعود إلى ما بنا عندما يرحلون عنا ، ونحن قوم في جلودنا لين ونعومة ، أما عظامنا فكثيفة كعروق السنديان ، ونحن قوم نلبس لكل حالة لبوسها أما قلوبنا فتظل في مأمن من الأطوار والتطور ، وأما ارواحنا فتظل في جوار الله " .

مجلة وجدانيات الأدبية (( لمنضي ...)) للشاعر عبد الكريم الأقرع



لنمضي...
لنمضي معاً وراء احلامنا المسافرة
انت وانا......
كأضغاث يجرها السيل
بأوهام حائرة
بحقيقة زيّفها البعد
لنمضي....
وأخبئك بأحضان معطفي
و دفقاتي الهادرة
بين الغيوم نمشي
نمطتي صهوة الأشواق
على دروب العيون الساهرة
لنجلس ساعات في ظل الزمان
لنأخذ قيلولة.... لنغفو
على وسادة من أحزان
و لتنمو في ظل ظلنا ورود و جداول
وغيوم باكية ماطرة
..... جميل صوت المطر...
وجميل اللقاء
تحت نغمات المطر
جميل الرقص... فارقصي بثيابك المبللة
ارقصي واضحكي كطفلة مدللة
تملأ المكان بهجة وآمال مشرقة مزهرة
ولنمضي مع قطار الحلم المسافر
إلى دنيا لا تشبه هذه الدنيا الغادرة
نامي على صدري كقطة شريدة
هاربة بفرائها الناعم
من مخالب الحرمان
من شبح الخوف الذي يطاردها
في كل مكان
في نبرات موائها الخافت هموم
من ليالي الشتاء القاسية
ندائآت وامنيات للعيش بأمان
نامي فوق العشب الدافئ
بعثريه بيديك.... إمسحيه بحنان
وإستمعي يا صغيرتي لحكايات القلب
وإسرحي مع الموسيقا
وغيبي بشعرك بين يديّ
ونامي..... نامي..... بأمان
قبل أن يستيقظ الحلم
ويهرب
وتهرب معه كل ألوان الحب
خوفاً من أنياب دنيانا
المتوحشة الكاسرة
عبد الكريم الأقرع

مجلة وجدانيات الأدبية (( شروق )) للكاتب سامي يعقوب \ فلسطين



الكِتَابَةُ بِأَبْجَدِيَةٍ ثُنَائِيَّةِ التَرقِيْم :
شُرُوق .
أَفِيْضُ عَلَى صَهْوَةِ الوَقْت
أَركَبُ أَجْنِحَةَ الرِيْح
يَأخُذُنِي المَاضِي إِلَيْكِ
و الذِكْرَيَاتُ تَشْتَغِلُ دَاخِلِيَ شَوقًا
و أَمْسَحُ وَجْنَتَيِّ السِنْين عَن كَاهِلِي
أُنَادي المَدَى باسْمِكِ
و أُصَوِرُ نَدَى الفَجَرِ رَسْمُكِ
هُنَا فِي اللامَكَان
و هُنَا فْي اللازَمَان
تَعَالي نلتقي .
عَلَى صَفْحَةِ السَمَاء
و شُقُوقِ هَذَا الليل
يُغَالِبُنِيَ الحَنِيْن
يَسْمَعُ وَقْعَ خُطَاكِ
خَلفَ وَاجِهَةِ الصَمْت
أَطِلِّي عَلَيَّ مِن نَافِذَةِ الفَجْر
حِيْنَ يَكُونُ الشُرُوقُ عَلَى الأَبْوَاب المُغْلَقَة
و تَعَالي نَرتَقِي .
هُنَاكَ عَلَى سَقْفِ الغَمَام
يَعْتَصِرُ الشِتَاءَ مَطَرًا
فَوقَ التُرَابِ المُبَلَلِ بِالدُمُوع مِن شِدَّةِ الأَمَل
و السَعَادَةُ تُدَغْدِغُ الرُوح
مِن جُرُوحٍِ لَم تَلتَئِم بَعْد
قَبْلَ سَاعَاتٍ مِن مَخَاضِ اللهفَة
خَوفًا عَلَيْكِ مِني
و خَوفًا عَلَيَّ مِن وِحْدَتِي
تَعَالِي إِلَيَّ يَمَامَةً بَيْضَاءَ
خُذِيْنِي مِن نَفَسِي و حَلِقْي .

سامي يعقوب . / فلسطين .

مجلة وجدانيات الأدبية (تيَّارٌ وريح بقلم المتألق/ ربيع دهام)



(تيَّارٌ وريح / ربيع دهام)
وما إن وصل تخوم الصَّحراء حتى هاله ما رأى.
رمضاءُ روحٍ، وكثبانُ رملٍ لا تنتهي.
ماذا تُراه يفعل الآن؟
توقَّف في مكانِه. حاولِ استرجاع أنفاسِه المُضطربة.
أَملَ ترويض حصانَ أفكارِهِ الذي ركلت مؤخَّرتِه
الصَّدمةُ.
إن أكمل المسيرَ، شتَّتت قافلتَه الرِّمالُ الحارقة وبعثرَتْها.
ثم التهمتْها واحدةً بعد الأخرى.
وفي الأخيرِ جفَّفتها.
وإن بقي في مكانه، تجمَّد في غمدِ وَحْلِهِ حتى صار
في حراكِ الدنيا مستنقعاً.
مستنقعٌ جامدٌ لا حول له ولا قوَّة.
يرمون ماءَه بالوردِ، ولا يُبالي.
يقذفونه بالحصى والقاذورات، ولا يعترض.
وتدهسُ كرامتَه الحياةُ، ولا يحتجُّ.
مستنقع؟! ومن يريد أن يكون مستنقعاً؟
جسدٌ مشلولٌ لا يقوى أبداً على الحراك. أهذه آخرته؟
هو الذي قطع مسافةً بعيدةً كي يصل إلى هنا.
وهو المكّوكُ، الدائمُ الحركة، الذي لا يريد أن يندثر. ومن يريد؟
وهو الذي لا يبتغي أن يتحوَّل تمثالاً. ومن يبتغي؟
" تبخّرَ"، سمع صوت الريح تزأرُ في وجهه.
" أتبخَّر؟!"، سأل الريح وكأنَّه يسأل نفسه.
ركلَ الرملَ تحته، وأردفَ: " لا! أنا لا أريد أن أختفي.
لا! ولن أُسجَن هنا. أو أُدفَنُ هنا. أتعرفين؟ أتعرفين مَن أنا أيتها الريح؟".
"ومَن أنت؟!"، سألته الريحُ.
" أنا. أنا أتيت من هناك. من قمّةِ الجبل. أترين كم هي ساميةً؟
أنظري. وكم هي عاليةً؟ وشامخةً؟
وتريدينني؟ تريدينني هكذا أن أتبخَّرً وأختفي؟
لا! لا أيتها الريح. مَن قارع الأعالي كالمُنتصِرْ،
لا يختفي في جحره ويندثِرْ".
" إذن ماذا تريد أيها التيّارُ الغضوبُ؟"، قالت الريحُ.
"أريد. أريد العودة لهناك. أما مِن سبيلٍ لذلك؟"،
همس التيّار المائي في أذن الريح.
" نعم. ولهذا أقول لكَ تَبخَّر. تبخَّر ودع الشمسَ تأكلُكَ.
دَع نورَها يلتهم جلدكَ. اتركه ينهشُ كيانَك وسترى".
"سأرى؟ ماذا سأرى؟"، قال بصبرِ ماردٍ حُشِرَ في زجاجة.
أجابته الريحُ: "ستمسي تحت أنامل الشمسِ رذاذاً.
وسيحملك الهواء على جناحيه. وستصبح وكأنّك جزءٌ منّي.
وستذوب معي. وتطير معي.
وسأرفعك في حضني إلى السماء حتى تمسي غيمةً.
وستحلِّق في العُلا سحابةً، إلى أن ترى قمَّة الجبل تسجد تحت قدميك.
وعندئذٍ، ستغدو قطراتٍ من الثلج ومن المطرِ،
وتتساقط هُياماً على الجبلِ.
ومثل حبيبٍ، سترجع أنت إلى حبيبتك.
تعود إلى هناك، من حيث أتيت".
"ماذا تقولين أيتها الريح؟ أتقولين أنَّه عليَّ أن أموت
كي أحْيا من جديد؟"، سألها التيّارُ.
أومأت الريحُ برأسِها.
ثم اقتربت مِن أُذُنِ التيّارِ. ابتسمت وهمست: "الشرنقة".

مجلة وجدانيات الأدبية ( مِن شواطىء الأيّام / الحلقة الأولى: "الجريدة" / بقلم ربيع دهام )



( مِن شواطىء الأيّام / الحلقة الأولى: "الجريدة" / بقلم ربيع دهام)

قفزتْ نظراتُها من ساعةِ يدها لساعةِ الحائط.
عقاربُ الساعتين متوقّفةٌ. أمّا هي، فلم تتوقَّف.
أكملتْ بحثَها الدؤوبِ.
أخيراً وجَدَتْه. جالسٌ في المرآب أسفل البيت،
كان يلفُّ، ومثل عادته، رِجْلاً على رجلٍ، وإلى جانبه، تركن، فوق منضدة خشبيَّة صغيرة، عِدّةُ المتَّة.
الصينيَّةُ النحاسُ القديمة، والكأسُ الخشبيَّةُ والماصَّةُ، وصحن زجاجي دائري وُضِع فيه ما تيسَّر من الفول السّوداني الرخيص.
لكن لماذا كان يجلس في المرآب؟
معروفٌ طبعاً الجواب. لكي يهربَ منها.
تقدَّمتْ. حامت قربَهُ. حاولتْ كشَّ الذباب، الحائم بدوره، حول الجريدة المتسكِّعة بين يديه.
" فريد!"، نادتهُ.
لم يجبها.
"فريد!"، عادت ونادتْ.
وبعد هنيهاتْ،
" نعم"، همس، دون أن يعير وجودها أي اهتماماتْ.
تنهَّدت كمن تهيِّئ سهاهمَا للرميِ، ثم قذفته بسؤال يُعلِن
قرعَ طبولَ النَّكَدِ:
- " ألا يزعجك هذا الذبابْ؟ ألم تملّ من قراءة أخبار الكلابْ؟".
رفع رأسه. التفتَ يميناً ويساراً. حدّق في كل شيءٍ إلا هي. ثم عاد
ليتصفَّح الجريدة.
لم تعجبها قلّة اكتراثه بها، فعادت وصاحت: "فريد!!".
"نعم"، وللمرَّة الثانية يجيبها.
وللمرَّة الثانية تسأله: " قلتُ لك. ألا يضايقك هذا الذباب؟".
نزع عن عينيه نظّارته الطبيَّة. تنهَّدَ. مشَّط وجهها بنظرات مدجَّجة
بسلاح الشَّنفِ، ثم أفصح لها عمَّا في بركانِ مهجتِهِ:
" بل تزعجينني أنت يا عفيفة!".
لم تغضبها إجابته هذه.
فطبيعي في العلاقات الزوجيَّة العصريَّة، أن ينزعج الزوج من وجود زوجته،
إلا في لحظات تحضير طعام الغداء والعشاء.
ومن الطبيعي أيضاً أن تنزعج الزوجة من وجود زوجها ... في جميعِ الّلحظات.
طوَت قامتَها المديدة. حاولت قراءة عناوين الجريدة.
لفتَها خبرٌ:
"جنبلاط: قد آن الأوان الدولة المدنيَّة في لبنان".
ابتسمتْ. زقزقت. كلَّمَتْهُ بصوتٍ شغوفٍ:
" أخيراً جاءنا التصريحُ المفيدْ.
الدولة المدنيَّةْ. أقرأتَ الخبرَ يا فريدْ؟!".
ورغم أن خبراء أميركيِّين كانوا قد اكتشفوا سابقاً وجودَ سبعة عشر تعبيراً مختلفاً لوجه الإنسان تُظهِر الشُّعور بالسَّعادة، فإن أيٍّ من هذه التعابير السَّبعة عشر، لم تكن بادية على مُحيَّا فريد.
بل على العكس من ذلك، كان كلام زوجته ينقشُ على صنديحته مُعلَّقاتٍ مجنَّحة من قصائدَ الهجو والقَرفِ.
بل كان صوتها، وباختصار شديد، مزعجاً له كضرب أجنحة البَعوضِ وهي تفترشُ قناة الأُذنَيْن.
ولم يكن هذا، على الأطلاق، مستغرباً.
فطبيعي، في العلاقات الزوجيَّة العصريَّة، أن تسامر عدَّةُ القرفِ، كما عدَّةَ القهوة، أو الشاي، أو المتِّة، أي جلسةٍ بين "الحبيبين".
صبَّ فريدٌ نظراتَهُ المستذئبة على عفيفةٍ، وتَقيَّأ أمامها الخبرَ المُبين:
" هذه الجريدة قديمة. عمرُها سبعون سنة".
"سبعون سنة؟!"، سألته بتهكَّمٍ واستغرابٍ، قبل أن تكمل،
وكأنَّها لم تصدّقْ ما قاله:
" وهل كان جنبلاط بالغاً منذ سبعين سنة؟!".
ظنَّت نفسها حشرتْهُ في خانةِ اليِكِ، فراحت تسخر منه وتتهكّم.
صفن قليلاً. تمنّى لو أنّه شبَّ عليها وخَنَقها بكلتا يديه.
لكن عوضَ ذلك أجابها بلسانٍ يشبهُ فوَّهةَ مدفع:
"إنّه كمال جنبلاط وليس وليد جنبلاط أيتها الحمقاءْ".
قال هذا بنبرةِ هجاءٍ تفوق تلك التي نظَّمها الفرزدق بحقِّ بني كُليبٍ حينما رندحَ:
"أَلا إنّ اللئامَ بني كليبٍ شرارُ الناسِ من حَضَرٍ وبادِ
بأَرباقِ الحميرِ مُقَوِّدوها وما يدرون ما قود الجيادِ".
وقبل أن تهمُّ هي بالردِّ عليه بهجاء بمستوى هجاء أبو الشمقمق،
سُمِعَ صياح ديك الجيران وهو يهجو بدوره أفولَ الليل، حينما أذاع نبأ بدء ترنيمات طلوع الفجرِ، أو بالأحرى، نعيات طلوع الروح:
"كو كُكووو كووووو...كو كُكووو كووووو".
أي، "السَّاعة السَّادسة صباحاً".
وفيما كاد الديك يُنهي تِلاوةَ نشرتِه الفجريِّة، حدَّقت عفيفة في
عيني زوجها وأفصحتْ:
" باللهِ عليك يا فريد. إذا كانت الأخبار هي هي، ولم تتغيَّر منذ عشرات السنين، فلماذا؟ لماذا تشتري الجرائد كل يوم؟ لماذا طالما أنَّه
لا يوجد عندنا شيءٌ جديد؟".
وبغير مبالاةٍ، تابعَ تصفُّحِ جريدتِه، ثم همسَ،
مِن دون يلتفت نحوها: "الموتُ".
"الموتُ؟!...ماذا تقصد بالموت؟"، سألَتْهُ.
"الموتُ. الموتُ هو الجديد الوحيد يا عفيفة. أقصد صفحة
الوفيَّات اليوميَّة".
" وما همُّك بصفحة الوفيَّات اليوميَّة؟"، قالت باستغرابٍ شديدْ.
لدقائق، لدغَ صقيعُ الصَّمتِ نبضات المكان، فجمَّد فيه إكسيرَ الحروفِ.
هذا قبل أن ينتفض وتعود له دورةُ الحياةِ من جديدْ. أجابَ "عفيفتِهِ" فريدْ:
"لأعرف إذا ما مات طفلنا أو بعد".
"طفلُنا؟!"، سألته عفيفة. " لماذا تقول طفلنا ونحن لا أطفال لدينا بعد يا فريد؟"، أكملت.
أجابها وعناد المآقي أبى أن يفرج عن دمعةٍ صغيرةٍ كادت أن تنعتق من جُحرِها، وتنزف:
" لأنَّ...لأنَّ أطفالَنا يولدون هنا أمواتاً يا عفيفة".


مجلة وجدانيات الأدبية (( متاهات وانتظارات )) للشاعر صلاح الورتاني \ تونس



متاهات وانتظارات ...
عديد التساؤلات ؟؟
صرنا نسألها اليوم ؟
أين زمان الطرب ؟
زمان المنوعات !!
زمن الحكايات !!
عن ماض البطولات
التراث والحضارات
دكته الزلازل والأعاصير
لا نعرف المصير
فقدنا الغوالي
تهناها الليالي
نعيد ماض الذكريات
مع الآهات والحسرات
زمن الفن الجميل
زمن الطرب الأصيل
راح مع العظماء
الفنانين والشعراء
فقدنا بفقدانهم لذة الغناء
صرنا نركض ونركض
وراء لقمة العيش
في تعب وعناء
نلهث وراء المواصلات
نصل ديارنا منهكين
لا نجد وقتا للراحة
لمتابعة نشرات الأخبار
‏زد عليها غلاء الأسعار
‏نعيشها دوامة
‏كأنها القيامة
‏لا أحد يهتم بالآخر
‏غاب الحب
‏غاب الود
‏غاب التحابب
‏هناك من يسعى
‏لتكديس المال
‏همه الغنى والترف
‏ نحن عنهم نختلف
‏نعيشها سعادة
‏في دور العبادة
‏رغم فقرنا واحتياجنا
‏نتوادد نتحابب نتلاطف
‏الله رازقنا ومولانا
‏يمنحنا راحة البال
‏لا نعرف المحال
‏نرسم مستقبل الأجيال
‏نعشق البلد
‏مع الأم والولد
‏لا نرضى الذل والهوان
‏رغم المرارة والأحزان
‏تفكيرنا في البناء
‏مع من تبقى من الشرفاء
‏من سهروا على راحتنا
‏لنسعد كلنا مع أبنائنا
ونعيش ‏عيش السعداء
‏صلاح الورتاني // تونس

مجلة وجدانيات الأدبية (( إن غِبْتِ )) للشاعر د. أسامه مصاروه



إن غبتِ
إنْ غبتِ ليومٍ عنْ بصري
فخيالُكِ باقٍ في فِكَري
في الحلِّ وحتى في السفرِ
في البيدِ وأيضًا في الحضرِ
في ليلِ الأنسِ وفي السمرِ
في النومِ ومن بعدِ السهَرِ
تبدينَ كشمسٍ أو قمرِ
يا حسنًا يحلو للنظَرِ
بجمالِ العينِ وَبالحورِ
وَبِأروعَ شكلٍ أوْ صُورِ
إن ُرمْت لقائي فانتظِري
فالحبُّ لديَّ بلا وطرِ
شِعري أفكاري أوْ دُرري
منْ وحيِ الإلهامِ العَطِرِ
حبّي ووفائي في نظري
كالنقشِ على أقوى حجرِ
وبأجملَ قولٍ أو عِبَرِ
قومي يا عمري وانتشري
قومي كالنورِ وَكَالمطرِ
فالكونُ بجدٍّ في خطرِ
منْ قسوةِ أبناءِ البشرِ
هيّا انتفِضي هيّا انتصِري
للحبِّ وللسلمِ النضِرِ
غنّي للحبِّ على وتري
غنّي للناسِ وللشجرِ
لا تختّزلي لا تخْتَصِري
غنّي وتماهي كالشرَرِ
إذْ ليسَ بهذا من ضرَرِ
قولي للحربِ قِفي اندثِري
قومي كلهيبٍ مستعرِ
لإزالةِ حكمٍ مُحتَقرِ
وجلاءِ عدوٍّ مزْدَجَرِ
قومي هُزّي صُدّي انْفجِري
صحّي ذا قلبٍ منكسرِ
صحّي ذا فكْرٍ منحسرِ
قومي لا تبقي لا تذري
لا الذلُّ قضائي أو قدَري
قلبي كلُجيْنٍ مُنْصَهرِ
يدعوكِ كصبٍّ مُنْبَهرِ
هيّا للوصلِ بلا حذرِ
د. أسامه مصاروه

مجلة وجدانيات الأدبية .. الشاعر د. سعيد االعزعزي ورائعة (( حَفِظَنَا عَهدَ من خَفَرَت ذِمَامَاً ))




حَفِظَنَا عَهدَ من خَفَرَت ذِمَامَاً
....................................
عَشِقنَا من بِهُ العِشقُ ابتَلَانَا
و رُغمَ القُربِ يَقتُلُنَا جَواَنَا
و في حَدَقِ العِيُونِ لَهُ مَكَانٌ
نُنَاظِرُهُ و نَامَلُ لُو رَآنَا
نَهِيمُ بِهُ تُذُوبُ الرُّوحُ تُوقَاً
و نَسكُبُ في قَنَاطِرِهِ دِمَانَا
و نُروِي رُوضُهُ من غِيثِ قَلبٍ
و يَسقِي صَيبُنَا وَردَاً فِتَانَا
و يَسكُنُ في الشِّغَافِ و خَفقِ قَلبٍ
و في رُوحٍ غَدَت تَرجُو الامَانَا
نَمُوتُ لِاجلِه تَوقَاً و شُوقَاً
و يَصهِرُنَا حَنِينٌ كَم غَشَانَا
و نَسكُبُ وَجدَنَا شَغَفَا إلِيهِ
و مَا من وَجدِهِ يَومَاً سَقَانَا
عَشُقنَاهُ تَنَاسِينَا لِنَفسٍ
و انكَرنَا و أبعَدنَا الحِسَانَا
تَرَكنَا من يِهِيمُ بِنَا غَرَامَاً
و يَروِينَا و يَغمِرُنَا حَنَانَا
و من إن أشَرَّ الإبهَامُ لَبَّى
و إن نَاجَى لَهُ طَيفٌ اتَانَا
لمن بَذَلَ الحَيَاةَ لِاجلِ نَرضَى
و من وِجدَانِهِ فِيضَاً رَوَانَا
و امَّلنَا بِرِيمٍ في مُرُوجٍ
يُنَاغِينَا و يَضحَكُ من وَرَانَا
و يُوهِمُنَا بِحُبٍ غَيرَ أنَّا
إذَا نَدنُو إلى مَرجٍ نَفَانَا
و إن ما بَسَّمَت من سَطحِ ثَغرٍ
تُخَادِعُنَا بِقَلبٍ ما رَجَانَا
و تَقضِي لِلمَنَافِعِ لِيسَ تَهوَى
و لَم يَلمِس لِاشغَافٍ هَوَانَا
و تَزعُمُ أنَّهَا ذَابَت بِعِشقٍ
بِنَا و عِيُونُهَا شَزرَاً تَرَانَا
و ما في قَلبِهَا مِثقَالُ ذَرٍّ
من الحُبَّ الَّذِي زَعَمَت جُمَانَا
تُرِيدُ لَنَا بَأن نَبقَى بِكَفٍّ
كَخَاتَمِ بُنصُرٍ تَجنِي اسَانَا
تُحَقِقُ ما رَجَت مِنَّا و رَامَت
و عن قَصدٍ تَمِيلُ إلى غِوَانَا
حَفِظنَا عَهدَ من خَفَرَت ذِمَامَاً
و اخلَصنَا لِمَن تَهوَى سِوَانَا
الَا يا قَلبُ إنِّي رَبُّ عِزٍّ
فَثُب رُشدَاً و كُن لِي تُرجُمَانَا
اتَحسَبُ أنَّنِي ارثِي لِحَالٍ
فَحَسبُكَ يا فُؤَادِي ما دَهَانَا
اوَارِيكَ الثَّرَي في عُمقِ لَحدٍ
إذَا ما رُمتَ تُسقِينِي الهَوَانَا
د. سعيد العزعزي
30/9/2023

الجمعة، سبتمبر 29، 2023

مجلة وجدانيات الأدبية (( حق المشاعر )) من ديوان ( كلمة حق في حضرة ظالم ) للأديبة د. تغريد طالب الأشبال



الأديبة د. تغريد طالب الأشبال
……………………………
(حق المشاعر) من ديوان(كلمة حق في حضرة ظالم)
……………………………
ليس هَمُّ الكون عشقا وغرامْ
ليس حبا وبكاء وهيامْ
ليس كل الهَمِّ فيه طربا
غزلا ثم غناء مستدامْ
إنه عِشرٌ لمِعشارِ عُشَيرْ
من هموم الكون في قلب الأنامْ
فهموم العيش نالت حصةً
حصةً كبرى ليهنأ وينامْ
وهموم الشعب صارت غصةً
يبتغي التحرير،عيشا لا يُضامْ
ومن الحكام صار همّهمْ
قدرٌ ملعونُ ذلّا وسُقامْ
وهموم الدِينِ آهٍ هَمّه
ثورةً كبرى أتت كفرا زؤامْ
غيَّرتْ مجرى الحياة كلها
أبدلَتْ كل حلالٍ بحرامْ
أسقطَتْ فرضا أقامتْ بدعةً
أفشَت الإرهاب أفنَت للوئامْ
وأباحَت كل عيبٍ مُستعابْ
تتحدى فيه أصحاب القِيامْ
هذا هَمُّ الدِينِ والهَمّ كثيرْ
قد أعابوا الطفل في سن الفِطامْ
وترى المرأةَ حَيرى رُمِّلَتْ
حمَلَتْ أعباء أزلامٍ عِظامْ
غيرها قد ساوموها خسةً
كي يدسوا السُم في دِينِ السلامْ
وأباحوا القتل في النِتِّ الرجيم
بسم ترفيهٍ ولهوٍ في الظلامْ
إنما فيه أباحوا جرأةً
بسم(فلم الرعبِ)جُرما هو قامْ
فغدا الناظر لا يخشَ الدِما
ميتَ القلب شديد الإنتقامْ
ثم صار القتل شيئا عابرا
يذبح الأخُّ أخاهُ كالحَمامْ
فهو(خريجٌ)لـ(أفلامِ الرُعبْ)
هي أعطته دروسا ووسامْ
وهموم الفقر ما راعَتْ جياع
باتوا في مخمصةٍ فيها خِصامْ
لم تُراعِ لعراةٍ يستحون
من عيون الخلق باتوا في خيامْ
وغدا عرشُ المحارمِ مُستباحْ
ثورةُ التجديد جاءت بالجِسامْ
وأنا ما زلت أحصي وأعُدْ
لهموم الكون حتى في المنامْ
ما بلَغتُ العُشرَ من هذي الهموم
لا تقلْ لي الهَمّ يكمن في الغرامْ
قل من الشعر بليغا نافعا
ناطقا بالحقّ أجزِلْ بانتِظامْ
إسمع الآهاتِ واصغي للذي
يَبكِ في صمتٍ ففي الصمتِ كلامْ
مُترَفٌ أنت إذا كنتَ ولم
تدري بالمهموم في ضيم ينامْ
فاقرأ الأرواح وادرس حالها
ستجِد فيها كُلوما وسِقامْ

مجلة وجدانيات الأدبية (( حكاية جميلة ،، أو ما يسمى بجريمة الشرف )) للشاعر د. اسامه مصاروه



حكاية جميلة (أو ما يسمى بجريمة الشرف)
سكنتْ جميلةُ دونَ ذلٍّ أوْ هوانْ
في أسْرَةٍ كَرُمَتْ بأسبابِ الأمان
حتى أتاها العنفُ وانعَدَمَ الحنانْ
وغدتْ قلوبُ الناسِ خيطًا من دُخانْ
كانَ المدى بشذا جميلةَ يعْبِقُ
والشمسُ تصحو للجمالِ وتُشرقُ
والقلبُ يشدو بالغرامِ ويخفِقُ
والعيْنُ ترنو للعُيونِ وتنطقُ
كانتْ جميلةُ تعْشَقُ البحرَ الكبيرْ
وتعيشُ قُربَ الموجِ في بيتٍ صغيرْ
كانتْ تُرى بسعادةٍ كُبْرى تسيرْ
فوقَ الرُبى حتى الوصولِ إلى الغديرْ
كانتْ فتاةً حرَّةً مثلَ الرِياحْ
لا حدَّ يردَعُها كأصحابِ الجَناحْ
تلهو وتلعَبُ لا تُبالي بالجِراحْ
فغدتْ حديثَ الناسِ حتى والمِلاحْ
عشِقَ الشبابُ حديثَهَا وَجمالَها
ورجا الجميعُ وِدادَها وَوِصالَها
لكنّهُمْ شعروا بأنّ دلالَها
وَغُرورَها قد أفسدا أحوالَها
كانتْ جميلةُ ذاتَ يومٍ تسبَحُ
وعلى رمالِ البحرِ أيضًا تمْرَحُ
كانتْ كذلكَ بالأغاني تصدحُ
وَمَعِ النّوارسَ كلَّ حينٍ تسْرَحُ
مِعْطاءَةً كانتْ ولا تتأخّرُ
تُعطي بلا شرطٍ ولا تتفاخَرُ
كانتْ تجودُ بِجُهدِها لا تُؤْمَرُ
مَنْ طبْعُهُ الإحسانُ لا يَتَشاوَرُ
سمعتْ جميلةُ صوتَ بحرٍ يشْهَقُ
والرعدُ يقصفُ فجأةً بلْ يصْعَقُ
ورأتْ طيورًا بالجناحِ تُصَفّقُ
وبدونِ أن تدري رأتْ من يغرَقُ
ركضتْ إليهِ بغيرِ خوفٍ أوْ وجلْ
فالوضعُ يرفُضُ أيَّ جُبْنٍ أو كَسلْ
سبحتْ إليهِ بسُرعَةٍ وَعلى عجلْ
والقلبُ يحدوهُ التفاؤلُ والأملْ
رجعتْ وموجُ البحرِ يبدو كالجبالْ
ويدُ الغريقِ تُحيطُها دونَ ابتذالْ
ظلّت تقاوم لا تبالي بالمُحالْ
حتى تمطّى كالقتيلِ على الرمالْ
بدأت تمارسُ عِلمَها حتى تعيدْ
ذاكَ الغريقَ إلى الحياةِ من جديدْ
مالتْ عليهِ ودلّكتْهُ كما الوليدْ
فالجسمُ صلدٌ والضلوعُ كما الجليدْ
بدأَ الغريقُ يَعي حقيقةَ أمرِهِ
فَبَكى ولمْ يخفِ الأسى في صدرِهِ
خرجَ الشقيقُ للحْظَةٍ من وكْرِهِ
فرأى جميلةَ معْ فتىً في عمرِهِ
عادَ الشقيقُ بِسُرعةٍ للظلْمةِ
لمْ يُعطِ نفْسَهُ فرصَةً للحكمَةِ
فبلا دمٍ يروي الثرى أو نقمةِ
شرفُ الشقيقِ يَظلُّ مثل الفحمةِ
دَخلَ الشقيقُ مغارةً بينَ الصُخورْ
فأثارَ خوفَ ورُعبَ أفراخِ الطيورْ
بحثتْ يداهُ بجرأةٍ وبلا شعورْ
حتى اهْتدى للسيْفِ في أحدِ الجُحورْ
حثَّ الخطى متهوّرًا نحوَ الفتاهْ
تلكَ التي حملتْهُ دومًا في صِباه
قتلَ البراءةَ ظالمًا سلبَ الحياهْ
أمّا الدِماءُ فلن تواريَها المياهْ
د. أسامه مصاروه

مجلة وجدانيات الأدبية (( حوار على الهواء )) للشاعر حسن المداني


حِـــــــــــــــــــــــــوَارٌ عَلَــــــى الهَــــــــــــــــــــــــوَاء
شعر / حــــســن الــمــدانــــــي
أيْنَ أنْتُمْ ؟! مِنْ قــلوبٍ لَيِّنَةْ
أوْ مَطَايَاْ فيْ ظُهُورِ الأحْصِنَةْ
أوْ جِبَاهٍ سَاجِداتٍ ، هامُها
مُشْرَئبٌ فوقَ رأسِ المَأْذَنَةْ
هَلْ صَنَعْنا النارَ قالواْ قُلْتُ لْا
ماْ صَنَعْتُمْ بَلْ نَفَخْتُمْ مَدْخَنَةْ
هَلْ هَتَكْنَا !؟ نَبْتَةً أوْ بَذْرَةًً
هَلْ ظَلَمْنَاْ بُرْعُمَاً أوْ سَوْسَنَةْ
ماْ فَعَلْتُمْ !! بَلْ ذَبَحْتُمْ أُلْفََةً
بالمُدَى ذات الرُؤوسِ المُقْرِنَةْ
قالُوا : نحنُ نبضُ قلبٍ طيّبٍ
قُلْتُ لَسْتُمْ وَحْيُّ نَفْسٍ مُؤْمِنةْ
مُذْ رَكَضْتُمْ خلْفَ حربٍ غَرَّكُمْ
فيها زَيْعُ !! لِلْرَزاياْ المُثْخَنَةْ
قالواْ : إِنَّا قَدْ حَمَيْنــا وَحْدَةً
مِنْ نِيُوْبِ النارِ ذاتَ الألْسِنَةْ
قُلْتُ أنتُمْ قَدْ ظَلَمْتُمْ موطناً
بِئْسَ مَنْ بالجُبِّ ألْقَى مَوْطِنهْ
قالُواإصْمُتْ قُلْتُ صَمْتِيْ ثورةٌ
في لسانِ الشّعرِ صارتْ مُعْلَنَةْ
لَسْتُ أخْشَى طَلْقَةً أوْ طَعْنَةً
أوْ ذِئاباً !! مِنْ بْقايَــاْ الأزمِنَةْ
هَلْ عرفْتُمْ مَنْ أنا قالواْ صَدَىً
دُوْنَ صَوْتٍ هادِرٍ في الأمْكِنَةْ
قُلْتُ : صوتيْ مِعْزفٌ أوتارُهُ
عِطْرُ لَحْنٍ فيْ شِفاهِ الدَنْدَنَةْ
فيْ ضَميريْ في لسانيْ موطنٌ
لَمْ أَبِعْهُ سَلْعَةً !! مُسْتَهْجَنَةْ
فَهْوَ قلبيْ وَهْوَ أغْلى مِنْ دَمِيْ
سِرُّ حُبـــيْ !! فِيْهِ روح بَيِّنَةْ
الأربعاء 27 سبتمبر 2023م

الخميس، سبتمبر 28، 2023

مجلة وجدانيات الأدبية (( وتحُجُّ للبيت الجديد )) للشاعر حسين جبارة



وتحُجُّ للبيت الجديد
هذا الخليفةُ لِلْهِرَقْلِ المنحني
ومُطأطِئُ الرَّأسِ الرَّئيسُ المُنْثني
وتحُجُّ للبيتِ الجديدِ عواهلٌ
تسعى حثيثًا بينَ يورْكَ ولنْدَنِ
كيفَ الوقوفُ معاديًا لمُخَيَّمٍ
ومؤازرًا للظّالمِ المُتمكِّنِ؟!
نَكَصَ الخليفةُ عن رفادةِ جائعٍ
للمتخمينَ غدا أكُفَّ المُحسنِ
من بيتِ مالِ المسلمينَ سخاؤهُ
يحمي صدورَ المعتدينَ بجوشنِ
في الحقِّ غابَ عن الحضورِ بمحفلٍ
وعنِ اللِّسانِ عن النُّهى والأعينِ
ِ كيفَ الصَّلاةُ كما الصِّيامِ يُحلِّلانِ
الهديَ آلاءً لغيرِ مُؤَذِّنِ؟
كيفَ الشَّهادةُ كالزَّكاةِ مذاهبٌ
تُفتَى لنُصرةِ غاصبٍ مستوطنِ؟!
أينَ القضاةُ حُماةُ دينِ مُحمِّدٍ
قد "شرعنوا" بيعَ الدِّيارِ بموطنِ
هذي الأئمةُ تستقيمُ لفاسدٍ
تُرضي الأميرَ لكي تفوزَ بمأمنِ
حتّى الدُّعاةُ يطوِّعونَ وثائقًا
زَيْغَ الفقيهِ لمهنةِ المتلسِّنِ
هذا وذاكَ تضاربٌ إفتاؤهمْ
الكلٌّ بوقٌ من نفيخِ مُلقِّنِ
كم عالمٍ ومحاضرٍ ومفكِّرٍ
شَرَوا الضَّلالَ بمنصبٍ وبمعدِنِ؟!
فتفرَّقت في الأرضِ أيدي لاجئٍ
أضحى المُشرَّدَ في كتابِ الألسنِ
ومُشتَّتـًا ومُهجَّرًا في غربةٍ
مستصرخًا يحظى بدعمِ مؤبِّنِ
يحيا المذلَّةَ في كهوفِ مطارَدٍ
في جدبِ قفرٍ بانعدامِ السَّوسنِ
جيلُ التَّشتُّتِ هبَّ ينشدُ عودةً
ويحنُّ عشقًا لاستعادةِ مَسْكنِ
قد ثارَ ضدَّ ضَآلةٍ وضلالةٍ
العجزَ يرفضُ واضطهادَ مُهيمنِ
دربُ التَّحرُّرِ لا يطولُ لساهرٍ
دربُ التَّحَرُّرِ كم يطولُ لمذعنِ!
حرِّيَّةُ الإنسانِ تؤخذُ عنوةً
بالبذلِ تؤخذُ بالفداءِ المُثخِنِ
حرِّيَّةُ الثُّوارِ ليست منَّةً
تُعْطَى الهديَّةَ دونَ دكِّ المَكْمنِ
وطني الجنانُ أفيهِ نبضًا صادقًا
درعًا أقيهِ وعشقَ صبٍّ مؤمنِ
أُعلي نداءً في بناءِ هُوِيَّةٍ
رَسَمتْ سواعدُ قائدٍ متيمِّنِ
بالصَّبرِ أحيا فارسًا ومضحيًّا
بالنَّصرِ تزحفُ عودةُ المُتيقِّنِ
حسين جبارة نيسان 2018

مجلة وجدانيات الأدبية (( الأغنية المفقودة! )) للشاعرة دجلة العسكري


بقلمي......الأغنية المفقودة!

غابت الألحان وصوت الترانيم الليلية
بدا كل شئ خانق
في فجر واهن لروحي الشقية
وحور الشجر رسم قلقه لنبرات
صوتي الحزينة
لتطوح بي الريح الباردة
فأسلم نفسي للشمس الغاربة
ترافقني طيور الليل فاقدة لصوابها
وسط الأنواء
لذاك النشيد الأزرق للنجوم المؤنسات
فأطلب العاصفة
لمعزوفة اللقاء
يبقى الدرب أمناً لذكراك
وكلمات مفقودةفي قداس
الأنغام
فأطير كطفلة تسكرها قصص الأحلام
لا مدخل للوقت ولا مخرج للنسيان
يضئ كل شئ من حولي
لأغنية تنبلج كالصباح في الأركان
تصدح موسيقاها
كصوت العصافير المتراقصة
على نوافذ العشاق
هنا حب ،،،حب
لا ينكره القلب ولا الميقات
دجلة العسكري
العراق

الأربعاء، سبتمبر 27، 2023

مجلة وجدانيات الأدبية (( لعبة القدر )) للشاعرة فاطمة المبادرة



لعبة القدر
رغم ذلك الاعجاب المتبادل ورغم ذلك الانسجام الظاهر في حوارات قصيرة لم تكن لتتجرأ على إعلان ما يختلج بين ضلوعها . ..صحيح أنها لا تملك سلطانا على قلبها العنيد لكن كبريائها وبعضا من سخط قديم وبقايا خيبات تجعلها تتردد آلاف المرات قبل أن تصارحه بمكنونها من ود صادق ....كل مساء تمتطي صهوة قلمها لتبثه لواعجها جراء خوفها وجبنها. فلا هي بالقادرة على التقدم إلى جزر الفرح ولا هي تريد الرجوع إلى الى براثن الترح... هاهي ترقص على أوتار المستحيل ...
تذكرت أياما خوال كان يمر أمامها كأن شيئا لم يمر. لم تكن لتهتم لوجوده في وقت لم يكن هو يتوانى لحظة في إبداء إعجابه ببراءة الأطفال في عينيها ..كلما مر ترك إكليلا من الفرح على بوابة حزنها الدفين كلما مر داعب فيها طفولة تحتضر فتبعث من جديد ولو للحظات لا تتجاوز وقع خطواته في الرواق..كان كل مرة تراه يشحنها ثقة وحبا وأملا كان يذكرها أنها لا تزال تلك الجميلة رغم تجاعيد الغربة البادية على ملامح فرح تآكلت وبهت لونها...كانت تبحث عن ذاتها في نظراته ..بين طيات عباراته...كانت ترنو لري قحط سنين عجاف من البعد ...لكن يبدو أن لعبة القدر لم تكتب بعد نهايتها إذ تركتها على قارعة الحنين تفتش عن نفسها القديمة في ثنايا الأيام
فاطمة المبادرة

مجلة وجدانيات الأدبية (( ليلة العمر )) للشاعر محمد بن سنوسي \ بلعباس ـ الجزائر


ليلة العمر
رواية بهية خطها الأجداد والجدات
ببساطتها تبوأت اليوم معقل الأبراج
إكتنزت في جوفها المروءة و النيات
حيث نقشتها الأصالة وتعاليم السراج
بالأمس لفت الميثاق الغليظ النفحات
وتوشح العرسان بحق جواهر التاج
قبل العقد تنقيب عن أبهى الصفات
وغوص في التقاليد وتعاليم المنهاج
لذة الحياة كانت عقيدة ومن الأمانات
وبتوجيه الموروث الخالص دون إزدواج
بالصدق قام الصرح بطيب البهارات
حصينا بالأخلاق والطهر بجوف السياج
حتى طرق المجتمع دهاليز الترهات
وغدا حلم الرباط ملحا أجاج
فاليوم رفعت التفاهة و التبذير الرايات
وتلاطمت بالتقليد الأعمى الأمواج
فتضخمت لليلة العمر فواتير النفقات
بألوان الحلل الأطباق الحلوى والدجاج
إسراف مقدس بطقوس الرقص لساعات
وإنشاد لمشاهد الصخب بإيقاع الازعاج
فوا عجبا من تمجيد ذهبي للمهلكات
وقصف عمدي لشريعة أنقى من الزجاج
فببيت بسيط ولد سيدا شباب الجنات
جمع الإمام علي بإبنة صاحب المعراج
بدرع بسيط كان المهر ونور الآيات
فسطعت الرفعة والبركة شذى النتاج
فعودوا أهلنا لمشكاة الآباء والأمهات
فما بالسيئات والبذخ يكون الزواج.
محمد بن سنوسي
من سيدي بلعباس
الجزائر

مجلة وجدانيات الأدبية .. الشاعر محمد مشلوف ورائعة (( عُدْ إلَى غِمْدِكَ يَا سَيْفَ اشْتِيَاقِي ))




عُدْ إلَى غِمْدِكَ يَا سَيْفَ اشْتِيَاقِي
كَاسِرٌ جُنْدُ الهَوَى يَوْمَ التَّلَاقِي
***
رَايَةُ الشَّوْقِ عَلَتْ فِي حَرْبِنَا
وَجُيُوشِي ذُبِّحَتْ وَسْطَ المَآقِي
***
فَافْتَحِ القَلْبَ المُسَجَّى بِالجَوَى
وامْسَحِ الحُزْنَ الذي شَدَّ وِثَاقِي
***
واسْقِ أَحْلَاماً عَلَى غُصْنِ الكَرَى
طَالَمَا السُّهْدُ سَقَاهَا مِنْ زُعَاقِ
***
تِلْكَ أوْجَاعُ النَّوَى تَحْتَلُّنِي
تَأْسِرُ الرُّوحَ اشْتِيَاقاً لِلْعِنَاقِ
***
كَمْ تَرَصَّدْتُ الرُّؤَى فِي دُجْنَةٍ
مَا هَفَا خِلِّي وَمَا بَانَ بُرَاقِي
***
كمْ وَكَمْ أسرَجْتُ ظَهْرَ القَلْبِ كَيْ
تَلْجُمَ الرُّوحُ غِـوَايَاتِ الفِـرَاقِ
***
سَوْأَةُ القَلْبِ تَعَرَّتْ فِي الهَوَى
كَشَفَتْهَـا ريحُــهُ بَعْـدَ احْتِرَاقِ
***
غَلَبَ الْيَأْسُ عَلَى قلْبــي وَمَـا
خِلْتُ أنّي أنْثَنِـى عَـمَّا أُلَاقِــي
***
لَـمْ أَنَــلْ فِي العُمْــرِ إِلَّا شَقْــوَةً
أَبَداً فِي الحُبِّ مَالِي مِنْ خَــلَاقِ
ــــــــــــ
محمد مشلوف

مجلة وجدانيات الأدبية (( أيلول ملهم الأجيال )) للشاعر د. سعيد العزعزي



أيلول ملهم الأجيال
.......................................
يٱ نَغْمَةً في ثَنَايَا ٱللَحنِ تَنْتَحِبُ
تُدمينَ مِنِّي قُلِيبَٱً هَدَّهُ ٱلنَّصَبُ
يا دهرُ بَالَغتَ بِالإيذَاءِ تَكسِرُنِي
جَرَّيْتَ قلبي على الأشواكِ تَسْتَحِبُ
هل جِئتَ قَصدَاً تَرُومُ الشَّعبَ تَطحَنُهُ؟
اغرَاكَ يا دَهرُ في اوطَانِنَا اللَعِبُ
هَذِيْ بلادي يُحِيطُ ٱلبُؤسُ مُقلَتَهَٱ
إذَا اهتَنَتْ لِيلَةً اعوَامَ تَنتَكِبُ
(صَنعَاءُ) يَحْكُمُهَٱ فُرْسٌ بِمِلَّتِهْم
و في (الجَنُوبِ) فُلُولُ ٱلرُّوْم تَغتَصِبُ
هل قد تَوَلّٕىْ رجَٱلُ ٱلمَجْدِ ارتَحَلُوٱ؟
ام انَّهُمْ في جُحُورِ الأرضِ قد حُجِبُوٱ؟
و اينَ احفَادُ (قَتبَانٍ) و (ذِي يَزَنٍ)؟
ااسلَمُوهَا إلى المُحتَلِّ و اغْتَرَبُوٱ؟
و اينَ من اشعلوا نيرانَ عِزَّتِهْم؟
إن غُيَّبَ الفِعلُ مَاذَا تَفعَلُ الخُطَبُ؟
واينَ احفادُ من ثٱروٱ على صَنَمٍ؟
و قَدَّمُوٱ أنْفُسَٱً للهِ ما ارْتَعَبُوٱ
و اينَ من مَرَّغَوا ٱلمُحْتَلَّ في وَحَلٍ؟
فَفَرَّ لَيْلَٱً على ٱلامواجِ يَنْسَحِبُ
يٱ ارْضَ(حِميَرَ) يٱ (قَتبَانَ) كُنْتُ ارَى
في مُقْلَتِيْكِ بَرِيْقَٱً لَيْسَ يَحْتَجِبُ
كَمْ قد تَلَالَا وَجْهٌ بَٱسِمٌ سَحَرَٱً
فَتَّٱنُ كم بَرَّقَاهُ ٱلتِّبْرُ و ٱلذَّهَبُ
و ٱليَوْمَ بَدرُكِ مَخْسُوْفٌ و مَٱ ظَهَرَتْ
بٱلافْقِ شَمسٌ و لٱ نَجمٌ و لٱ شُهُبُ
ارَٱكِ تَبْكِيْنَ حُزْنَٱً امْ شَكَتْ رَمَدَٱً
عَيْنَٱكِ امْ قدْ غَشَٱكِ ٱلغَمُّ و ٱلكُرَبُ
بِٱلامْسِ ثَٱرَ اسُوْدٌ و ارْتَدُوْٱ كَفَنَٱً
ارْدُوْٱ ٱلإمَٱمَةَ في أيْلُوْلَ و ٱلْتَهَبُوْٱ
إسْتُشْهِدُوْٱ لِيَعِيْشَ ٱلابْنُ في دِعَةٍ
كِي يُزْهِرَ ٱلعِلْمُ و الرُّمَانُ و العِنَبُ
ضَيَٱغِمٌ مَزَّقَتْ اجْسَٱدَ مَنْ زَعَمُوْٱ
أنَّ الوِلَايَةَ فِيهِم حَقُّ مُكتَسَبُ
و انَّهُم خُلِّقُوا من نَارِ ثُمَّ غَدَوا
سِنَامَ و الحُكمُ قد اضحَى لَهُم قَتَبُ
و انَّهُم سَادَةٌ و الشَّعبَ مَركَبُهُم
و إنْ رَضَت فَارِسٌ فَليَخسَاِ العَرَبُ
فَكَذَّبُوا زَعمَهُم و السَّيفُ كَذَّبَهُ
و فَارِسُ الخَيلِ في إخلَاصِهِ الغَلَبُ
سَعَتْ بِيُوْمِ ٱلوَغَىْ للمُوْتِ كَوْكَبَةٌ
و نُخبَةٌ من رِجَالٍ بَعدَهَا نُخَبُ
ضَيَاغِمٌ تَمنَحُ الاشبَالَ ما فَقَدَت
تَحَرُّرَاً من قُيُودٍ حَفَّهَا العَطَبُ
تَمحُو الكَآبَةَ من وُجدَانِ تُربَتِنَا
حَتَّىْ يَعُودَ إلى ازهَارِنَا الطَّرَبُ
فَرَفْرَفَتْ في سَمَٱءِ ٱلكَوْنِ رَٱيَتُنَٱ
لِيَحتَفِي الشِّعرُ و التَّارِيخُ و الادَبُ
عَادَت إلى الارضِ بَعد البُؤسِ فَرحَتَهَا
و الفَخرُ و العِزُّ عَادَا فَانتَشَى الحَسَبُ
كم من شهيدٍ سَقَى من دَمِّهِ وَطَنَٱً
كي تَهتَنِي بَعْدَهُ ٱلاجْيَٱلُ و ٱلتُّرَبُ
فَخَلَّدُوْٱ في ضُحَىْ أيْلُولَ مَلْحَمَةً
و ٱلفَجْرُ هَلَّلَ و ٱلتَّٱرِيْخُ يَكْتَتِبُ
أبَٱؤنَٱ نٱضَلُوْٱ دَهْرَٱً بِلَا كَلَلٍ
رَوَوا ثََرَاهَا فَعَمَّ الرَّغدُ و الخَصَبُ
و ٱلْيَوْمَ قَدْ ضَيَّعَ ٱلابْنَٱءُ عِزَّتَهُم
ابدُوا عُقُوقَاً فَاُدمِي الاصلُ و النَّسَبُ
ارتَدَّ عن مُستَقِيمِ الدَّربِ خَائِرُهُم
خَانُوا لِآبَائِهِم فاَستَعجَبَ العَجَبُ
ويلٌ لِابنَاءِ يَشرِي الابُّ عِزَّتَهُم
بَالرُّوحِ لَكِنَّهُم بَاعُوهُ و انقَلَبُوا
هل رٱحَ دَمُّ (عَلِي ٱلمُغْنِيْ)و رُفْقَتِهِ؟
هَدْرَٱً و غَطَّى على ٱبْنَٱءِهِ ٱلهَدَبُ
بَاعَ (اللبُوزَةُ) رُوحَاً و افتَدَى وَطَنَاً
فَبَٱعَ أبْنَٱءَهُ ٱلأوْطَٱنَ و أنْتَكَبُوٱ
دَمُّ الشَّهِيدِ من الاجدَاثِ عَاتَبَكُم
أمَا استَحِيتُم أمَا ادمَاكُمُ العَتَبُ
ايْلُوْلُ انْزَلَ اجْيَٱلَٱً مَنَٱزِلَهُم
فَوْقَ ٱلنُّجُوْمِ فَغَٱرَتْ مِنْهُمُ ٱلْسُّحُبُ
لَكِنَّ جِيْلَٱً لِايْلُوْلٍ رَضَى وَثَنَٱً
في عَهْدِهِم ضَٱعَتِ ٱلالْقَٱبُ و ٱلْرُّتَبُ
تَبَّٱً لِجِيْلٍ اتَى مَجْدٌ يُعَٱنِقُهُ
إنْ ارْتَضَى ذِلَّةً في كَنْفِ من كَذَبُوْٱ
و ٱلمَجْدُ لٱ يَلْتَقِيْ إلٱ ذَوِي شَرَفٍ
يَرقَى لِذِي نَخْوَةٍ بالعِزِّ يَعتَصِبُ
مَٱ زَٱلَ ايْلُوْلُ في وِجدَانِهِ غَضَبٌ
يَسْرِي بِاعمَاقِ ابنٍ نَٱلَهُ ٱلْتَّعَبُ
يُحيِي لِعَزمِ الفَتَى المِغوَارِ يَبعَثُهُ
لَا يَصدَاُ الاصلُ مَهمَا حَفَّهُ الرَّطَبُ
مَٱ زَٱلَ ايْلُوْلُ لُلْاحْرَٱرِ مُكْتَنِفٌ
إنْ مٱ يُنَٱدِي بَنِي ٱلثَّوَّٱرِ تَسْتَجِبُ
يَٱ (ارْضَ بِلْقِيْسَ) في الابْنَٱءِ مُؤْتَمَلٌ
بُرْكَٱنُ في كُلِّ حُرٍّ فَجَّرَ ٱلْغَضَبُ
ٱلبَحْرُ هَائِجُ و ٱلْطُّوْفَٱنُ مُكْتَسِحٌ
فَلْتُبْشِرِي فَأوَٱنُ ٱلْنَّصْرِ يَقْتَرِبُ
د. سعيد العزعزي

مجلة وجدانيات الأدبية (( الوداع )) بقلم الكاتب دمال الدين خنفري /الجزائر

قصة قصيرة جدا الوداع اقتربت منه انسلت روحها إلى وجدانه، ارتبكت فرائصه، أزالت ستائر حيائه بشفاه معتقة بحمرة التخدير، انساق وراء نزواته، عرته ...